للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وآل سعد فقد أضحت وليس لها ... راع يحيط فضاها بعد راعيها ورثى سعيدا الشاعر مقدم بن معافي بقصيدة مطلعها:

من ذا الذي يطعم أو يكسو ... وقد حوى حلف الندى رمس (١) وهذا الشعر مؤسس على القوة والجزالة، وهو يتميز بذلك عن كثير من ضروب الشعر الأندلسي لأن البداوة فيه أظهر.

٦ - ثورة على الثقافات الجديدة

في هذا المظهر كان الشعر يمثل روح المحافظة، ويقوم بدور الخصم العنيد للعناصر العلمية أو ما كان حينئذ يعد ضربا من الثقافة العلمية، كالجغرافيا واقليدس والمجسمي وعلم النجوم والفلسفة، ويمثل ابن عبد ربه هذا الاتجاه خير تمثيل، فقد أعلن سخطه على الذين يقولون بكروية الأرض، وباختلاف الفصول حسب المنطق المناخية المختلفة، فمن ذلك قوله يسخر بمسلم بن احمد بن أبي عبيدة واصحابه:

والأرض كرية حف السماء بها ... فوقا وتحتا وصارت نقطة مثلا

صيف الجنوب شتاء للشمال بها ... قد صار بينهما هذا وذا دولا وقال ابن عبد ربه أيضاً في مهاجمة المشتغلين بالفلك والحساب:

أين الزيج والقانون ... والأركند والكمه

وأين السند هند البطل ... والجدول هل ثمه

سوى الإفك على الله ... تعالى منشر الرمه

إذا كان أخو النجم ... يرى الغيب بما ضمه

إلى أن يطلب الرزق ... طلاب العاجز الهمه

وهذي الأرض قد وارت ... كنوزا عدة جمه

فلا والله ما لله ... خلق يحتوي علمه


(١) انظر المقتبس: ٥٤ - ٦٦.

<<  <   >  >>