للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القصيدة كقوله " وقد غدا للعين وهو من النضارة منظر " فإنما هو ناظر فيه إلى قول أبي تمام:

دنيا معاش للورى حتى إذا ... جلي الربيع فإنما هي منظر وشتان بين ما ذهب إليه أبو تمام من فهم لطبيعة الحياة وترجح الإنسان بين العمل والمتعة، وبين وصف الشاعر للربيع بأنه منظر. وكذلك تشبيهه الرياض بعرائس ذوات ملبوس معصفر أو مزعفر، يذكر بقول أبي تمام:

مصفرة محمرة فكأنها ... عصب تيمن في الوغى وتمضر وكلام الشاعر الأندلسي أرق، وصورة أبي تمام أغرب.

ولابن قلبيل البجاني أبيات يعارض بها قصيدة أبي تمام وهي (١) :

ضحك الربيع بروضه وسميه ... وافتر عن نور أنيق يزهر

فكأنه زهر النجوم إذا بدت ... وكأنها في الترب وشي أخضر

وكأن عرف نسميها عند الصبا ... عرف العبير يفوح فيه العنبر ابن الرومي

وفي وصف الطبيعة يلتقي أثر الرومي بأثر أبي تمام، وتبرز في الشعر الأندلسي تلك الفكرة التي ألح عليها ابن الرومي كثيرا، واستغل قضاياه المنطقية في إبرازها، أعني التناظر بين الأزهار وحجة بعضها في الفخر على البعض الآخر. من ذلك قول شاعر أندلسي (٢) :

تعاير السوسان والجلنار ... والأقحوان الغض بين البهار

مبتسما ذاك وذا موضحا ... عن حسن توريد بدا واستثار

واستحكم الورد ببرهانه ... وانتحل الفضل معا والفخار ولسعيد بن محمد بن فرج أخي صاحب " الحدائق " قصيدة طويلة يرد


(١) الجذوة: ٣٦٦.
(٢) الجذوة: ٣٦٣.

<<  <   >  >>