هذا الحديث فيه معجزتان الأولى تم اكتشافها والتأكد من صحتها ووجودها وهي حما الذباب الجراثيم وعبر عنه صلى الله عليه وسلم بالداء والثانية وهي التي عبر عنها صلى الله عليه وسلم بالشفاء، بالداء وقد بينت ما اكتشفه الطب الحديث حتى عام ١٣٧٨هـ مما يبرهن على صحة ووجود هذه المعجزة الخارقة التي تبرهن على صدق قائلها وأنها خارجة من مشكاة النبوة وليست من قبيل التخرص والهوى.
إن الخبر إذا جاء يحمل في طياته عنصرين غريبين غيبيين، ثم جاء تصديق أحدهما تصديقا جازما، فالعاقل المنصف ينتظر تصديق الآخر وتحققه، ولا يسرع إلى تكذيب الخبر أو استنكاره، وكيف يكذب أو يستنكر وقد جاء ما يؤيد بعضه فضلا عما جاء ما يؤيد الاثنين، وما ذكرته من مخترعات واكتشافات كاف لذي العقل السليم أن يصدق الحديث ويصدق من جاء به وأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى.
إن الذباب ملوث بالجراثيم المرضية كالكوليرا والتيفوئيد والديسانتريا التي يحملها من المجاري والفضلات وبراز المرضى وتكون هذه الجراثيم على أطراف أرجله وخرطومه كما يقول الأطباء، فإذا وقع الذباب على الطعام أو في الشراب، فإنه يقف على أرجله ويمد خرطومه، وإذا تبرز لوث الغذاء كذلك، فلو تركت أو ذبت، بقيت الميكروبات المرضية التي أصابت الغذاء أو الشراب فيهما. وهذا أمر طبيعي مسلم لا يختلف فيه الناس.
فدلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على القضاء على هذه الميكروبات المرضية، واستئصالها قبل أن تستفحل، وذلك بأن تضغط على الذباب حتى يقع كله في الطعام أو الشراب، وهذا معنى قوله:"فامقلوه" وسبب ذلك أن هذه الفطريات التي تفرز المواد المضادة للحيوية، والتي تقضي على الجراثيم ((غرام السالبة والموجبة)) التي يحملها هو على أرجله وخرطومه - توجد على بطن الذبابة ولا تنطلق مع سائل الخلية المستطيلة إلا بعد أن يزيد الضغط عليها فتنفجر وتندفع البذور والسائل الذي يقضي على الميكروبات المرضية - كما مرّ في الاكتشافات العلمية الحديثة.
وإذا كانت الذبابة لا ينفجر الجزء الدهني منها إنما يخرج من ثنايا الطبقات المكونة للجزء الدهني هذا السائل الذي يحمل هذه المواد المضادة للحيوية.
إن أخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن الذباب، إنما كان من الأمور الغيبية التي لا تعرف إلا بوحي، وقد اكتشفت في هذا العصر.