للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شرح الحديث]

قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا وقع الذباب" في بعض الروايات "إذا سقط الذباب" والذبابُ: بضم المعجمة وموحدتين وتخفيف. قال أبو هلال العسكري: الذباب واحد، وجمعه ذبّان كغربان، والعامة تقول: ذباب للجمع وللواحد ذبابة بوزن قرادة، وهو خطأ، وكذا قال أبو حاتم السجستاني إنه خطأ، وقال الجوهري: الذباب واحده ذبابة ولا تقل: ذبانة، ونقل في المحكم عن أبي عبيدة عن خلف الأحمر تجويز ما زعم العسكري أنه خطأ، وحكى سيبويه الجمع ((ذُبَّ)) وقرأته بخط البحتري مضبوطا بضم أوله والتشديد، وسمي الذباب ذبابا لكثرة حركته واضطرابه وقيل لأنه كلما ذُبَّ آب، وهو يتوالد من المستقذرات والمزابل ويتوالد بكثرة وقال المختصون بعلم الأحياء إن الذبابة تبيض خمسمائة بيضة.

وأخرج أبو يعلى مرفوعا عن ابن عمر: عُمرُ الذباب أربعون ليلة والذباب كله في النار إلا النحل، وسنده لا بأس به.

قال الحافظ: كونه في النار ليس تعذيبا له، بل ليعذب أهل النار به.

وقال الجوهري: يقال إنه ليس شيء من الطيور يلغ إلا الذباب.

وقال أفلاطون: الذباب أحرص الأشياء حتى إنه يلقى نفسه في كل شيء ولو كان فيه هلاكه، ويتولد من العفونة، ولا جفن للذبابة لصغر حدقتها والجفن يصقل الحدقة، فالذبابة تصقل بيديها، فلا تزال تمسك عينيها، ومن عجيب أمره أن رجيعه إذا وقع على الثوب الأسود ابيضّ وبالعكس، وهو من أكثر الطيور سفادا١ ربما بقي عامة اليوم على الأنثى.

ويحكى أن بعض الخلفاء سأل الشافعي: لأي شيء خلق الذباب؟ قال مذلة للملوك وكانت ألحت عليه ذبابة، فقال الشافعي: سألني ولم يكن عندي جواب فاستنبطته من الهيئة الحاصلة٢.

وقال أبو محمد المالقي: ذباب الناس يتولد من الزبل، وإن أخذ الذباب الكبير فقطعت رأسها وحك بجسدها الشعرة التي في الجفن حكا شديدا أبرأته وكذا داء الثعلب، وإن مسح لسعة الزنبور بالذباب سكن الوجع.

قوله صلى الله عليه وسلم: "في شراب أحدكم" رواه البخاري في كتاب بدء الخلق بهذا اللفظ وذكره في كتاب الطب " ... في إناء أحدكم" ووقع في حديث أبي سعيد عند النسائي


١ من سفد الذكر على الأنثى.
٢ فتح الباري توزيع دار الإفتاء الجزء العاشرصفحة٢٥٠.

<<  <   >  >>