المارديني: كان أبوه قاضي ماردين، وجده قاضي دنيسر هو فخر الدين بن المشهدي، فاضل وقته في علوم الحكمة والطب والمرجوع إليه في ذلك. قرأ الطب على هبة الله بن صاعد بن التلميذ ببغداد، وبلغني أن ابن التلميذ لما رأى غزارة فهمه في علوم الحكمة أشار عليه بالطب لتعجيل الراحة منه، ضرورة حاجة الناس إليه، فبلغ منه الغاية، حتى إن الملوك كانت تخطبه من النواحي والأقطار، وكان على علو السن يكرر على كتب كبار، وقرأ عليه الشهاب السهروردي شيئاً من الحكمة، ولم يبلغني أنه صنف كتاباً مع غزارة علمه وتمكنه وحسن تصرفه فيه، إلا أنه شرح أبيات الشيخ الرئيس أبي عليّ ابن سينا، وهي التي أولها:
هبطت إليك من المحل الأرفع ... وأقام بدنيسر عند أبي محمد القاسم بن هبة الله الحريري مدة، ولم أجتمع به. وتوفي في يوم السبت حادي عشر (١) ذي الحجة سنة أربع وتسعين وخمسمائة. قال أبو الخير المسيحي ابن العطار البغدادي زمن اشتغالي عليه بالطب ببغداد: إن عندكم من هو المرجوع إليه في هذا الشأن وغيره، وذكر لي محمد بن عبد السلام، وكان يفخم أمره ويعظم شأنه، فأخبرته بوفاته، رحمه الله.
(١) عيون الأنباء: الحادي والعشرين، أضاف ابن أبي أصيبعة أنه توفي بآمد وله من العمر اثنتان وثمانون سنة.