للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال الإخشيد: الجمعة الأخرى، فانصرفت. فلما كان من الغد دخلت على ابن عبد الوهاب فقال لي قلت له بعدك: إنه رأيي وهواي فيما تعلمه، ولكني أصدقك، تكون أنت من أبرك الناس على ابن رائق، لأنك إذا عملت هذا كاتبه من مصر من يكره هذا، وكتب بذلك إلى العراق، فإن كان الراضي لم يقلده قلده وأنفذ إليه الأموال والعساكر، وصيرت له شيعة وخاصة، ولكن دع هذا إلى وقت آخر.

وحدثني عليّ بن يعقوب قال: ورد كتاب الإخشيد من مصر إلى القائم يعرض عليه ابنته لابنه المنصور، فقرأ القائم الكتاب على الناس، فأشاروا عليه أن يجيبه بما يجب، فكتب إليه: وصل كتابك وقد قبلنا ما بذلت، وهي وديعة لنا عندك، قد نحلناها من بيت مالنا قبلك مائة ألف دينار فتوصل ذلك إليها. قال: وإنما ظن الإخشيد أن القائم يكافئه على هذا بهدية يفتخر بها ويتجمل.

وفي شعبان وصلت الأخبار بعودة محمد بن رائق إلى الرملة، فتجهز الإخشيد وسار، وراسل ابن رائق فلم يجد فيه حيلة، وعسكرا جميعاً بالعريش، والتقى العسكران فهزمهم محمد بن رائق وملك السواد، واجتمع واطمأن أصحابه. وكان الإخشيد قد عبأ مراكب في البحر ليلحق ببلاد الروم أو بالمغرب ووقف منفرداً في غلمانه. ولما اطمأن محمد بن رائق أقبل الإخشيد في عدته وعديده وكبسهم في الخيم، ومحمد بن رائق ومحمد بن تكين يتحدثان، فملك الإخشيد الرجال وأسر وقتل، وقام محمد بن رائق فأفلت بحشاشة نفسه، وأستأمن محمد بن تكين في جماعة.

وكان شادن غلام الإخشيد لما انهزمت عساكر الإخشيد انصرف إلى مصر منهزماً فاضطرب البلد وانتقل أهل العسكر إلى أسفل، وركب أبو المظفر ابن طغج ومحمد بن عليّ الماذرائي يسكنان الناس ويمنعانهم من النقلة. ثم ورد الخبر بظفر الإخشيد بجميع العساكر، وأنفذ الأسرى والرؤوس إلى مصر، وسار الإخشيد في أثره إلى الرملة، وخرج محمد بن رائق يريد دمشق. وليس يعرف للإخشيد وقعة قاتل فيها غير هذه. وكان الأسرى نحو خمسمائة طيف بهم في المحامل على الجمال في أسواق

<<  <  ج: ص:  >  >>