أن ينصرف ابن رائق من الرملة فما وراءها، قال محمد بن عليّ بن مقاتل كاتب محمد بن رائق وصاحبه للحسن بن طاهر: يا أبا محمد نحن على الانصراف، فاذكر جميع ما تحتاج إليه، فإن الإخشيد إذا وصل إلى الرملة أمضى ما يعمله لك فسأله في إسقاط ما عليه من الخراج، فأمضى ذلك، وكتب إليه بإقطاع وأرزاق له ولحاشيته مبلغ الجميع خمسة عشر ألف دينار سوى ما تقدم.
وحدثني محمد بن الحسين قال: كان الإخشيد بعد وقعة العريش قد عظم أمره، فحدثني أبو الحسن ابن جابر كاتب عبيد الله بن طغج قال: كتب صاحبي عبيد الله إلى أخيه الإخشيد من الرملة يستأذنه في المسير إليه لزيارته شوقاً إليه، فأذن له، فلما قرب دعاني الإخشيد فقال لي: قد قرب أبو الحسين، وقد عزمت على الخروج لتلقيه فأيش تعمل؟ اكسر عزمه وقل له إنك ليس تلقى محمد ابن طغج، إنما تلقى أحمد بن طولون وبالله لئن لم يترجل لي لأضربن عنقك. فسرت فلقيته بفاقوس، فقلت له: الإخشيد خارج يتلقاك، قال: على أي شيء؟ قلت: تترجل له، قال: ما يسومني أخي هذا، قلت له: إنه قال لي: قل له: إنما تلقى أحمد بن طولون، وقد أوعدني بضرب العنق إن لم تترجل له، وأنا سائر إلى الشام. فقال: أفعل. فلما وصلنا إلى المنية أقبلت عساكر الإخشيد، فقلت له: انزل، قال: حتى يراني، فقلت: خبرك عنده، فنزل نحواً من ثلاثمائة ذراع، فلما رآه الإخشيد قال: أركب يا أبا الحسين، وحمله على خمسة أفراس بسروج طاهرية وزاد في إكرامه.
وحدثني محمد بن الحسين قال: انصرف الإخشيد من وقعة العريش بعد هزيمة ابن رائق منه وإنفاذه إلى مصر بالأسارى والرؤوس، وخليفته على مصر يومئذ أخوه أبو المظفر ووزيره محمد بن عليّ الماذرائي، فلما قرب من المنية قال للحسين بن محمد الماذرائي: أرى هيضة قد أقبلوا وأحسب الشيخ فيهم، يعني أباه محمد بن علي، فسر إليه يا أبا عليّ وأسرع وبادر، قال الحسين، فعلمت ما في نفسه، فأسرعت إلى أبي وسلمت عليه وقلت له: هذا الإخشيد قد قرب منك وقد رآك، فأخرج رجلك من الركاب فهو يرضى منك بها، فصاح عليّ وقال: اذهب