سقطت خوفاً فأحضرت: فقال: ما شأنك؟ فقالت: ابني صبي أمرد غيب عني، فأمر بإحضاره فأحضر، فدعا بصرة فيها مائة دينار فرمى بها إليها وقال: خذي ابنك وهذه الصرة فعسى الله أن يرحم ذل موقفي بين يديه.
ثم لم يزل الإخشيد بقية سنة إحدى وثلاثين يدبر أمر مصر مطمئن القلب قد استراح من أعدائه، ثم ورد عليه خبر بمسير عسكر من الشرق فأمر بمضاربة فأخرجت، فاجتمع إليه أهل مصر فسألوه المقام فلم بفعل، ثم تراخى، فورد عليه الخبر في شعبان سنة اثنتين وثلاثين بمسير عسكر بعد عسكر، وكان قد أطلق محمد ابن عليّ الماذرائي وصرفه إلى منزله.
ثم قدم صالح بن نافع من الشام فحرض الإخشيد على المسير، فقبض على محمد بن عليّ ورده إلى الاعتقال، وقبض على كاتبه ابن كلا وعلى جماعة معه وصادرهم، وحمل معهم محمد بن عليّ وابن كلا واستخلف ابنه أونوجور على مصر، واستخلف له عمه الحسن بن طغج وكان يدعى للمتقي، ثم للإخشيد ثم لأونوجور، ثم لأبي المظفر الحسن بن طغج.
ولما ورد عليه كتاب المتقي بأنه سائر إليه، سار إليه الإخشيد وبلغ الرقة، فأراد منه المتقي أن يعبر إليه فلم يفعل خوفاً مما جرى على محمد بن رائق حين عبر إلى ابن المتقي وصنع ابن حمدان ما صنع، فعبر المتقي إلى الإخشيد والتقيا بالرقة، وحمل إليه الإخشيد من العين والورق والكسوة والجوهر والطيب والفرش والكراع والبغال ما مبلغه مائتان وخمسون ألف دينار، وحمل إلى خواصه، ولم يدع أحداً إلا حمل إليه. وكان الإخشيد لما لقي المتقي ترجل عن بعد وهو بسيفه ومنطقته وجعبته على سبيل الخدمة وقبل الأرض مراراً، ثم تقدم فقبل يده، فصاح به محمد بن خاقان: اركب يا محمد، ثم صاح: أركب يا أبا بكر، فقيل: إن المتقي قال لابن خاقان: كنه، فكناه للوقت. ثم كان الإخشيد يقف بين يديه على سيفه، وإذا ركب حجبه وجعل مقرعته على كتفه، لأنه لم يخدم خليفة قط غيره، وافتخر بذلك وأعجبه. ثم قال للإخشيد: قد وليتك أعمالك ثلاثين سنة فاستخلف لك أونوجور، وقيل إنه كناه أبا القاسم، فقبل الأرض مراراً. وأهدى إليه الإخشيد