للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد مكنته ثقافته من أن يصبح أولا كاتبا للوزير أبي العباس عيسى بن ماسرجيس ثم كاتبا لديوان الرسائل في أيام جلال الدولة أبي طاهر بن بهاء الدولة بن عضد الدولة (١) ، وإن لم يتردد في الرسائل بينه وبين الملوك (٢) ، وهو يحدثنا في كتابه " المفاوضة " عن اتصال أسفاره بين البصرة وواسط والأهواز ناقلا رسائل عن السلطان (٣) ، وفي إحدى المرات خرج إلى البصرة برسالة إلى من يلقب " ظهير الدين ". وبعد أن أدى المهمة المنوطة به ونوى العودة بعث إليه ظهير الدين بكسوة ونفقة، فاحتشد من حوله عدد من طلاب المنفعة يحاولون مشاركته فيما ناله من عطاء (٤) .

وقد وصف بالذكاء والفطنة ولطف الفهم وسجاحة الخلق وحسن المداراة (٥) . ويؤخذ من كتابه المفاوضة أنه كان شديد التدقيق في شؤون الكتابة إذ يستوقف نظره أن يجد " لعمرك "، و " لعمري " قد أدخلت فيها الواو قياسا على " عمرو " ويسأل أستاذه الربعي عن صحة ذلك (٦) ، ويرى كاتبا يخط " لم أقر " - دون همز - فينبهه إلى أن ذلك لا يجوز (٧) ، ولا يخلو من ميل إلى المماحكة والمكايدة (٨) ومن متابعة الأمور إلى نهايتها دون فتور أو كلل (٩) ومن سرعة الفيئة


(١) جلال الدولة أبو طاهر اسمه فيروزجرد، تولى الملك بعد أخيه مشرف الدولة أبي علي الذي توفي سنة ٤١٦ وأقام في الحكم سبع عشرة سنة (انظر المنتظم ٨: ١١٨ وسير أعلام النبلاء ١٧: ٤٠٨، ٥٧٧) .
(٢) معجم الأدباء: (مخطوطة كوبريللي) .
(٣) انظر القطعة رقم: ٢ في هذا المجموع.
(٤) انظر القطعة رقم: ٣.
(٥) معجم الأدباء: (مخطوطة كوبريللي) .
(٦) القطعة رقم: ٥.
(٧) القطعة رقم: ٦.
(٨) انظر القطعتين رقم: ٨، ٩.
(٩) انظر القطعة رقم: ١٠ وإلحاحه على المطرز أن يفي بوعده فينشئ قصيدة ليس فيها حرف ينقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>