للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قولهم (فاغفر لنا) لأنها تفيد ترتيب ما بعدها على ما قبلها، فكأنهم قالوا بإيماننا بك يا ربنا وتصديقنا بما أمرتنا به فاغفر لنا ذنوبنا وأعذنا من عذاب النار.

وقال تعالى حكاية عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ما أعلنوا استسلامهم لأمر الله عز وجل، واستعدادهم التام للمسارعة إلى ما يطلب منهم {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} ١ قال ابن كثير رحمه الله تعالى: (وقوله: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} أي سمعنا قولك يا ربنا وفهمناه، وقمنا به وامتثلنا العمل بمقتضاه {غفرانك ربّنا} سؤال للمغفرة والرحمة واللطف) ٢، فقولهم غفرانك كأنهم قالوا: اغفر لنا ياربنا لاستجابتنا لك واستسلامنا لأمرك، وطاعتنا لك فيما تطلبه منا.

وقال عز وجل حكاية عن المتقين {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ٣، فكأنهم قالوا بإيماننا بك يا ربنا وتصديقنا بما أمرتنا فاغفر لنا ذنوبنا وأعذنا من عذاب النار.

وفي قوله تعالى حكاية عن الحواريين أتباع عيسى عليه السلام: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} ٤ فهؤلاء الحواريون من أنصار عيسى عليه السلام توسلوا إلى الله عز وجل بإيمانهم الصادق، واتباعهم لرسوله عيسى عليه السلام ليجعلهم الله تعالى من الشاهدين الذين يشهدون لله عز وجل بالوحدانية، ولرسوله بالرسالة والبلاغ، أو أنهم دعوا الله عز وجل أن يجعلهم من الشاهدين وهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وأمته الذين يشهدون للأنبياء


١ البقرة: ٢٨٥.
٢ تفسير ابن كثير ١/٣٤٢.
٣ آل عمران: ١٦.
٤ آل عمران: ٥٣.

<<  <   >  >>