هذا وإن من التوسلات الصحيحة توسل المعترف بذنبه، العائد إلى ربه، المقر بخطئه، توسل المنكسر بين يدي ربه، المستحي من زلته وخطيئته، يقول الله جلت قدرته حكايةً عن كليمه عليه السلام {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} ١ إن موسى عليه السلام ما أن ضرب ذلك القبطي بجمع كفيه، أو بعصا كانت في يده حتى سقط قتيلاً بفعل تلك الضربة القوية، علما بأن موسى عليه السلام لم يرد قتله، وما أن سقط ميتاً حتى تنبه إلى عمله هذا الذي كان بسبب الشيطان إذ هيّج غضبه حتى ضرب القبطي فقضى عليه، وهنا ندم كليم الرحمن عليه السلام فبادر بالتوبة إلى ربه مظهراً تألمه لما وقع منه، معترفا بتسرعه وخطئه {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} إنه موقف ذليل منكسر بين يدي ربه، موقف من أسقط في يديه، فلم يجد غير باب ربه يطرقه راجياً عفوه وصفحه، فلم يخب رجاؤه في ربه {فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ٢.