للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[توسل زكريا عليه السلام]

...

ويمضي السياق الكريم أيضاً فيقول تعالى {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} ٢ قال ابن كثير رحمه تعالى “يخبر تعالى عن عبده زكريا حين طلب أن يهبه الله ولداً يكون من بعده نبياً، وقد تقدمت القصة مبسوطة في أول سورة مريم ٣ وفي سورة آل عمران أيضاً ٤، وههنا أخصر منها {إِذْ نَادَى رَبَّهُ} أي خفية عن قومه {رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً} أي لا ولد لي، ولا وارث يقوم بعدي في الناس {وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} دعاء وثناء مناسب للمسألة، قال الله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} أي امرأته، قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير: “كانت عاقراً لا تلد فولدت”. وقال عبد الرحمن بن مهدي عن طلحة بن عمرو عن عطاء: “كان في لسانها طول، فأصلحها الله” وفي رواية: “كان في خلقها شيء فأصلحها الله” وهكذا قال محمد بن كعب والسدي، والأظهر من السياق الأول، وقوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} أي في عمل القربات، وفعل الطاعات {وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً} قال الثوري: رغباً فيما عندنا ورهبا مما عندنا {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس “أي مصدقين بما أنزل الله”، وقال مجاهد: “مؤمنين حقاً”، وقال أبو العالية: “خائفين”، وقال أبو سنان: “الخشوع هو الخوف اللازم للقلب لا يفارقه أبداً” وعن مجاهد أيضاً:


١ الترمذي ٥/٥٢٩، وأحمد ١/١٧٠، والحاكم ٢/٥٨٣، وقال: (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي، والحديث من رواية سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
٢ الأنبياء: ٨٩-٩٠
٣ الآيات ٢-١٥
٤ الآيات ٣٨-٤١

<<  <   >  >>