رحمة ربهم، وإنّ المتأمل في هذا الدعاء ليستشعر اليقين الذي ملأ قلوبهم، والذل والاستكانة التي ملأت نفوسهم وهم يبتهلون ضارعين مستنجزين ربهم جل شأنه ما وعدهم من إجابة دعائهم، وغفران ذنوبهم وإجارتهم من دخول النار، وإدخالهم في رحمته ١، وأن يتوفاهم مع الأبرار لينزلوا منازلهم، ويكونوا في جوار ربهم، وكل ذلك كان ثمرة تفكرهم في مخلوقات الله تعالى، ذلك التفكير الذي هداهم إلى الإيمان بربهم، وتنزيهه وتقديسه عما لا يليق بجلاله وعظمته، وأنه جل وعلا لم يخلق الخلق باطلاً، ولم يوجدهم عبثاً، فهو المنزه عن العبث، بل له الحكم البالغة والأسرار العظيمة التي اقتضت إيجاده هذا الخلق العظيم.
فهذا توسل بسرعة الاستجابة لداعي الله عز وجل، واتباعه، كما أنه توسل بالإيمان بالرب جل وعلا، وتوسل بصفة عظيمة من صفات الله عز وجل وهو عدم إخلافه تبارك وتعالى لما وعد به عباده المؤمنين، فهذه كلها توسلات صحيحة، دلّ كتاب الله عز وجل على مشروعيتها، ومحبة الله عز وجل لعباده أن يتوسلوا إليه بها.