وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} ١، إن آدم وحواء عليهما السلام لما تمكن إبليس عدو الله من أن يغرّهما ويخدعهما بمعسول القول، ولم يكونا ليتصورا أن يقسم أحد بالله عز وجل وهو كاذب، فانخدعا به؛ لأنه حلف لهما، وأكلا من الشجرة، وما أن أكلا منها حتى بدت عوراتهما، فأخذا من ورقة الجنة يلزقان بعضها إلى بعض لستر سوآتهما، وناداهما ربهما {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} ٢ وهنا انقشعت غمامة الغفلة عنهما، وأدركا عظيم ما صنعا، وأنهما قد عصيا ربهما بطاعتهما لعدو الله إبليس، فندما غاية الندم وقالا {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ٣ وإن القارئ للآية ليشعر بحرارة الأسى، وعظيم الندم من آدم وزوجه عليهما السلام، ويتبين من كلامهما استسلامهما وانكسارهما بين يدي ربهما، طالبين المغفرة والرحمة، وإلا كانا من الخاسرين لأنفسهم بظلمهم وعصيانهم، إنه موقف النادم على المعصية، العائد إلى ربه، المعترف بذنبه، المتذلل بين يدي مولاه يطلب رحمته وصفحه، وحق لمن كان بهذه الحال أن يعفى عنه، وأن يتجاوز عن سيئاته؛ فإنه قد توسل توسلاً صحيحاً، وولج البيوت من أبوابها قال عز وجل {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} ٤.