للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} ١ فإنهم لم يكونوا يعتقدون أن أصنامهم تخلق وترزق وتمرض وتشفي {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ٢ {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} ٣

هذا ومن المعلوم أيضاً أن أول شرك وقع في الأرض وهو شرك قوم نوح عليه السلام إنما كان بسبب تعظيم الصالحين، والتوسل بهم، فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح إلى العرب بعد؛ أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير، لآل ذي الكلاع. أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا، وسمّوها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسّخ العلم عبدت” ٤.

وأورد ابن حجر رحمه الله عن السهيلي رحمه الله تعالى في التعريف “إن يغوث هو ابن شيث بن آدم فيما نقل، وكذلك سواع وما بعده، وكانوا يتبركون بدعائهم، فلما مات منهم أحد مثلوا صورته فتمسحوا بها إلى زمن مهلائيل فعبدوا بتدريج الشيطان لهم” ٥.

وهكذا نرى الشرك إنما دخل على الناس من باب الصالحين والغلو فيهم،


١ الزمر: ٣
٢ الزمر: ٣٨
٣ يونس: ٣١
٤ صحيح البخاري ٦/١٦٠.
٥ فتح الباري ٨/٦٦٨

<<  <   >  >>