للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إبراهيم عليه السلام والذين آمنوا معه، ولندع المجال للإمام أبي الفداء ابن كثير رحمه الله وهو يقول: “ثم قال تعالى مخبراً عن قول إبراهيم والذين معه حين فارقوا قومهم وتبرءوا منهم، فلجؤوا إلى الله وتضرعوا إليه فقالوا {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا} ١ أي توكلنا عليك في جميع الأمور وسلمنا أمورنا إليك وفوضناها إليك {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} أي المعاد في الدار الآخرة {رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} ٢ قال مجاهد: “معناه لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولوا: لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم هذا”، وكذا قال الضحاك، وقال قتادة: “لا تظهرهم علينا فيفتنونا بذلك يرون أنهم إنما ظهروا علينا لحق هم عليه”، واختاره ابن جرير، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: “لا تسلطهم علينا فيفتنونا”، وقوله تعالى: {وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ٣ أي واستر ذنوبنا عن غيرك، واعف عنها فيما بيننا وبينك {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ} أي الذي لا يضام من لاذ بجنابك {الْحَكِيمُ} في أقوالك وأفعالك، وشرعك وقدرك” ٤.

فهذا إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ومن معه من أهل الإيمان فارقوا قومهم طاعة لله عز وجل، وهرباً بدينهم من الفتنة، وطلباً لمكان يقيمون فيه شرع الله عز وجل، ويظهرون شعائر الإيمان، فبعد أن قدموا هذه الوسيلة العظيمة دعوا الله عز وجل مظهرين اعتمادهم على ربهم، وتفويضهم أمورهم إليه، وأبانوا عن إنابتهم إلى ربهم ورجوعهم إليه، وعدم التفاتهم إلى ما سواه؛ إذ


١ الممتحنة: ٤
٢ الممتحنة: ٥
٣ الممتحنة: ٥
٤ تفسير ابن كثير ٤/٣٤٨.

<<  <   >  >>