للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حين، فقال يا عبد الله أد إلي أجري، فقلت له كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال يا عبد الله لا تستهزئ بي، فقلت إني لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون” ١.

فهؤلاء الثلاثة الصالحون لما وقعوا في الشدة لم يجدوا ما ينقذهم منها، أو يخلصهم من الهلكة سوى أن يتوسلوا إلى الله عز وجل بأفضل ما عملوا مما ابتغوا به وجه ربهم عز وجل، ولم يجدوا أعظم من بر الوالدين والإحسان إليهما، وكذا إعطاء الأجير أجره وحفظه له، وتنميته، ومن ثم تسليمه له دون طمع في شيء منه مع كثرته، وكذا التوسل بالعفاف وترك الحرام مع القدرة التامة عليه.

وبمثل هذا أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته، وعلمهم كيف يتوسلون إلى ربهم، ومما يؤكد ذلك ويزيل كل وهم في باب الوسيلة ما حدّث به ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: “كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: “سل” فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: “أو غير ذلك” قلت: هو ذاك، قال: “فأعني على نفسك بكثرة السجود” ٢.

وهكذا نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم هذه الأمة كيف تتوسل إلى ربها، وذلك بإخباره عما كان من الأمم السابقة من التوسلات الصحيحة التي قبلت فرأى أصحابها آثارها، وكذلك بإرشاد من أراد مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وهذا مقام من أعظم المقامات، ولذا دله الرسول صلى الله عليه وسلم على عمل هو من أفضل الأعمال، ألا وهو الإكثار من الصلاة.

وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد


١ صحيح البخاري ٣/٩١، وصحيح مسلم ٨/٨٩، واللفظ للبخاري.
٢ صحيح مسلم ٢/٥٢، ولفظ أبي داود ٤/٣٠٤ والنسائي ٢/١٨٠ “كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آتيه بوضوئه وبحاجته، فقال: سلني ...

<<  <   >  >>