للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ١.

ويلاحظ أنه وعدهم أن يطلب لهم المغفرة من ربه عز وجل، واصفاً إياه بالغفور الرحيم، وهذا يدل على أنّه سيتوسل في استغفاره لهم بهاتين الصفتين العظيمتين من صفات ربنا تبارك وتعالى.

ومما يمكن أن يدرج في هذا الباب ما كان من دعاء نبي الله نوح عليه السلام لابنه الضال عند ما دعاه ليركب معهم في السفينة، فأبى ذلك، وامتنع من اعتلاء الفلك لما سبق في علم الله عز وجل من شقاوته، يقول الله جل وعلا في بيان ذلك: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} ٢. قال ابن جرير رحمه الله تعالى:{وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبّ} إنك وعدتني أن تنجيْنِي من الغرق والهلاك وأهلي، وقد هلك ابني {وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} الذي لا خلف فيه {وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} بالحق، فاحكم لي، بأن تفي بما وعدتني، من أن تنجي لي أهلي، وترجع ابني” ٣.

وهذا الذي دل عليه كتاب الله عز وجل دلت عليه السنة أيضاً، فقد روى مسلم عن صفوان بن عبد الله ـ وكانت تحته الدرداء ـ قال: “قدمت الشام، فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده، ووجدت أم الدرداء فقالت: أتريد الحج العام؟ فقلت: نعم، قالت: فادع الله لنا بخير؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: “دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل” قال: فخرجت على السوق، فلقيت أبا الدرداء فقال لي مثل ذلك، يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم “ ٤.


١ يوسف: ٩٧-٩٨
٢ هود: ٤٥
٣ تفسير الطبري ١٢/٢٤٩
٤ صحيح مسلم ٨/٨٦

<<  <   >  >>