للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسير، وإن الشعر في ذلك ذكر خطير، وإن لشدو الحادي، وزاد الرائح والغادي. وأختاره على النثر، تنويهاً بالذكر، فقال:

قد آن للسيف ألا يفضل القلما ... مذ سخرا لفتىً حاز العلى بهما

إن يجتنى المجد غضاً من كمائمه ... فإنما يجتنى من بعض غرسهما

ما جاريا أملاً فوافيا أمداً ... إلا وكانت خصال السبق بينهما

سقاهما الدهر من تشتيته جرعاً ... ولليالي صروف تقطع الرحما

حتى إذا نام طرف الجهل وانتبهت ... عين النهى قرعا سنيهما ندما

راحا بكف أبي الجيش التي خلقت ... غمامة كل حين تمطر النعما

فعاد حلبنهما المنبت منعقداً ... وراح شملهما المنفض ملتئما

يا أيها الملك السامي بهمته ... إلى سماء علاً قد أعيت الهمما

لولا طلابي غريب المدح فيك لما ... وصفت قبل علاك السيف والقلما

وإنما كان تعريضاً كشفت به ... من البلاغة وجهاً كان ملتثما:

أما بعد - جعلك الله من المؤثرين على أنفسهم والموقين شحها، والمنجزين لمواعيدهم والمعطين صدقها - فقد علمت ما سلف لنا في العام الفارط من عتابك، ولبسنا شكته من ملامك، لما كتمتنا صرام النخلة التي هي بأرضنا إحدى الغرائب، وفريدة العجائب، هرباً من أن نلزمك الإسهام في رطبها، وحرصاً على تمام لذة الاستبداد بها، وقلت، وقد سألناك من جناها قليلاً، ورجونا أن تنيلنا منها ولو فتيلاً: لو علمت أن لكم به هذا الكلف، وإليه هذا النزاع، لأمسكته عليكم وجعلت حكم جداده إليكم؛ ولكنها إن شاء الله في العام الآنف غلتكم، عتاد نفيس لكم، وذخر حبيس عليكم.

فأما نحن فرسمنا تلك العدة في سويداوات قلوبنا، ووكلنا بها حفظة خواطرنا؛ وأما أنت فهلت عليها التراب، وأسلمتها إلى يد البلى. حتى إذا أخذت الأرض زخرفها

<<  <  ج: ص:  >  >>