في سوى هذا الفن فشمر عن ساعديك، فقد قام بنفسه وأعرب عن ذاته، ولم يترك مقالاً لقائل، ولا مجالاً لجائل.
وأخاف عليك - شحاً بك - أن تستقبل بذم هذه الأهب كل مفترش لها، مغتبط بها، فلا تجده إلا شيخاً رائع الوسامة، ابيض الشعرة، أنس إخوانه، وحلس أسطوانه، قد حفظ المسائل، وملأ من إجازات الشيوخ الخزائن، تقصده الفتيات والفتيان، وتفديه الجارات والجيران، وتتنافس في حضوره أيام الزفاف، ويختص بصدور المجالس وطيبات الصحاف، أو معلما ذا سبلة طولى، وجبين أخلى، قد ائتمنته الملوك على ثمار قلوبها، وعماد ظهورها، وقطع أكبادها، يتوسط من صبيته قلب جيش، ويعيش بألطاف أمهاتهم أخصب عيش؛ يقعد عنده الوراقون، ويتحاكم إليه في الخطوط الناسخون، فإذا كانت أيام الأخمسة والجمعات أطال قلنساته، وولى الزيارة منساته، وسار مهينما بتسبيحه وتقديسه، وتهليله وتحميده، يزور الإخوان ويتعاهد المعارف، والكل هش إليه، مقبل عليه.
فإن عارضت هذا الجنس، وناقضت هذا الصنف، دون اتقاء من وراءها من الأصاغر والأكابر، والملوك والسوقة، ضاقت عليك الأرض وكثر عدد الحصى، ولم يستنبت في شانك، ولا رقت كبد لرقة بيانك. وأخوك من صدقك، ومحبك من نصحك؛ وأنا استغفر الله مما كان في ذلك من قول أو عمل، والسلام.
@فصل في ذكر الأديب أبي مروان عبد الملك بن زيادة الله الطبني
@واجتلاب جملة من أشعاره مع ما يتشبث بها من أخباره
كان أبو مروان هذا أحد حماة سرح الكلام، وحملة ألوية الأقلام، من أهل بيت اشتهروا بالشعر، اشتهار المنازل بالبدر