للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورحل إلى المشرق، وسمع من جماعة من المحدثين بمصر والحجاز، وقتل بقرطبة سنة سبع وخمسين وأربعمائة. ولمقتله خبر طن ابن حيان به، ولم يمنعه من سرد قصصه استبشاعه، وحسبك من شر سماعه؛ ونلمع منه بلمعة:

قال ابن حيان: وذلك أنه عدا عليه - زعموا - نساؤه بتدبير ابن سوء خلف له، حملهن على ذلك لشدة تقتيره على نفسه وعليهن في المعيشة، وحبسه لهن مع ذلك عن التماس الحيلة لتوسعة الضيقة. فقد كان في ذلك، مع انسدال الستر عليه، وسعة ريعه بالحضرة، وبعد نجعته لابتغاء الفائدة، إلى استناده لرابت هلالي واسع كان يجريه السلطان عليه [عوناً] على صيانته، ويأبى إلا الزيي بالقل والاعتزاء إلى المسغبة، عجباً لمن عرفه أو سمع به، يصدق زعم الجاحظ في نوادر كتابه في البخلاء ويزيد عليها؛ فحمل عنه في ذلك أشياء يكاد النظر يحيلها، حتى لأفضى به تقتيره على أهله أن وكلهن إلى أنفسهن في أكثر مؤنهن، وقاتهن بأمداد من غلث الحبتين القمح والشعير، يستدعيها لهن من متقبل غلته مياومةً، ويكلفهن استطحانها بأيديهن، وهو قد استوحش منهن واعتزلهن، وانفرد بنفسه ليله ونهاره، لا مؤنس له سوى غلام حزور من ولده، مئوف الخلقة، ضعيف العقل، لا أم له، يدعى عبد الرحمن، آواه إليه من جميع ولده وأقصى سائرهم في قعر داره، وصير بينه وبينهن عدة أبواب موصدةن فأصبح بمكانه ذلك في ربيع الآخر من العام المؤرخ قتيلاً فوق فراشه، مضرجاً بدمه، مبعوجاً بالخناجر في

<<  <  ج: ص:  >  >>