وريده وإلبته وأعالي جسده، مفزعا لمن عاين مصرعه، قد أعلن نساؤه بالنوح عليه، يزعمن أنه طرق بمكانه منفردا عنهن، وأخبرن أن ابنه زيادة الله المسمى باسم جده لم يكن عنده علم حتى جئن إليه وأخبرنه بما جرى على أبيه، فهب مستعملا للروع مغالطا بالدمع، داعيا بويله، سائلا عن أبيه سؤاله بالشيء الذي هو جاهله، بلسان تحيل ينبئ عن دهشه، وعين جمود تدل على صحوه. وقد تكابس الناس عليه توجعا لأبيه. وطلب موضع تسور عليه، أو نقب يولج منه إليه، فلم يقف أحد على عين ولا أثر من ذلك، فعرف ابن جهور بما جرى، فأوقع التهمة به، واستبعد أن يطرق أبوه بتلك الداهية، من يد أعتى المردة، إذ كان من وطاءة الخلق، ودماثة النفس، وخلابة المنطق، واجتلاب المودة، من جميع الخلق، وطلب السلامة منهم، بحيث لا يحقد عليه ذو غائلة منهم ولا يغتاله صاحب فتكة. فأحاق به تهمته وأمر صاحب المدينة بالتوكيل به والكشف على داهية أبيه المصاب، والوقوف على صور محنته، فلم يوقف على أثر امتحان، وبحث عن الأمر فشملت الريبة أهله؛ واستفهم صاحب المدينة الغليم ابنه عبد الرحمن فوصف أنه شاهد المحنة، وأخبر أن امرأته أم ولده زيادة الله وابنتيها، ابنتي القتيل، تولين شأنه بسكينه الذي كان يحاول النسخ حتى برد، ولم يذكر أن ابنه زيادة الله حضر ذلك، ففحشت القصة، واضطر صاحب المدينة إلى هتك حجاب القتيل في نسوانه، وبطش به يضرب أم ولده الفاجر زيادة البشر، فدرأت عن نفسها العذاب بإقرارها بكيفية الحال وصفة المحنة المهولة؛ فسجنوا. ودفن