المتهمين ثلاثتهم، زيادة الله ابن القتيل وأمه ولده الأخرى، وسجن زيادة الشر ابنه زمانا طويلا، ثم سرح فظل خاسئا بين الناس، يخال أنه طليق وهو من شنآنهم ومقتهم، في محابس موصدة. وطاح دم أبي مروان - رحمه الله - فلم يقرع فيه أحد بضغث، ولا حبقت فيه عنز. وبلغت تركته قيمة وافرة في أثمان دفاتر، وأثاث فاخر، ومتاع رفيع، من كسوة وفرش كثر الناس جملته، وأخذوا في مذمته لسوء ما كان يدعيه من القل، ويأخذ نفسه به من شظف المعيشة. وللغرائز المفطورة سلطان على النفوس لا يغالب بصدق نظر ولا قوة معرفة، ومن أدى حق الله في ماله فليس بشحيح فيما قتر من إنفاقه؛ على أن المرء راع مسئول عمن يقوته من أهله، حبانا الله بالتوفيق، وأقامنا على وضح الطريق، بمنه؛ انتهى ما لخصته في هذه الحادثة من كلام ابن حيان.
قال ابن بسام: قول أبي مروان فيما تقدم من وصفه لابن القتيل إذ جاء سائلاً عن مصيبته " سؤاله بالشيء الذي هو جاهله "، محلول من قول خوات بن جبير، ويتعلق به خبر نورده على العادة من الزيادة في الإفادة: ذكر أهل الأدب أن الأتراك لما تقلوا المتوكل جعفراً بتدبير ابنه المنتصر