للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه دفع مكروه ابن حمود، ونظم الناس على حربه، [٣أ] فأخبر أنه حصل هشام عنده، وجمع من بقي بإشبيلية من نساء القصر والحرم، فاعترف به أكثرهم ووقفوا على عينه، وأومأ إلى ثقاتهم عنده بما يريد فيه، فاجتنبوا خلافه وابتغوا موافقته، فوجد ابن عباد بذلك السبيل إلى ما دبره من حرب ابن حمود، وحجبه عن أعين الناس، وبث كتبه بذلك إلى جميع الرؤساء، واستنهضهم إلى الاجتماع على هذا الخليفة المخبوء لفك الرقاب وكرة الأيام، والجهاد دونه، فكثر الخوض بالأندلس في ذلك، ومالت نفوس أهل قرطبة في نصبه إماماً للجماعة، وأشخصوا الرسل للوقوف على عين هشام، وتثبيت الشهادة فيه، وزور ابن جهور وغيره في ذلك شهادات، على علم منهم، ابتغاء عرض الدنيا وإذعاناً من ابن جهور أيضاً لما رآه من دفع ابن حمود الفاغر فاه على حضرة قرطبة، فرجع منه سريعاً إلى الاعتراف بالخطأ بقية عمره بعد عظيم ما انبعثت في ذلك من الفتن، وجرت من المحن، وصرع من الجبابرة، ونقل من الدول؛ انتهى كلام ابن حيان.

قال ابن بسام: وكان القاضي ابن عباد - كما وصف - زاخر العباب متألق الشهاب، أذكى من قاس وقلد، وأدهى من أتهم وأنجد، يأخذ وكأنه يدع، ويطير فيحسب أنه وقع، فتغلب على إشبيلية وليس له أوان ذلك معقل إلا وله شر راتب، وعليه أمير غالب، فدار الأمر بها عليه لتميزه بخطة القضاء التي لم يجاذب رداءها، ولا سلم لأحدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>