للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد لواءها، إلى أن استوثق الأمر ليحيى بن علي الحمودي - حسبما تقدم - فاضطر أهل إشبيلية إلى الإذعان لطاعته، والدخول فيما دخل فيه الناس من جماعته، وأدارهم لأمور جرت على رهون تكون بيده، فضن كل بولده، وبادر القاضي فراهنه ابنه عباداً، فانفرد بالتدبير، واستولى على الأمور، واستظهر على ذلك بهدم البيوتات، وتشتيت ذوي الهيئات، وأول ما بدأ به من ذلك نكبة شيخي المصر يومئذ الزبيدي وابن يريم، طواهما طي السجل، وقبضهما قبض الظل، فأيد القاضي يومئذ بحبيب وزيره، ودارت عليه رحى تدبيره، رجلٍ من أهل بادية إشبيلية لم تكن له نباهة مذكورة، ولا سابقة مشهورة، أوسع أهل زمانه شراً، وأوسعهم خديعة ومكراً، وأيد أيضاً بابنه إسماعيل طود أصالةٍ، وجني بسالة، محش تلك النار، وسابق ذلك المضمار، فبين هذين استوسقت له الأمور، وتدفقت تلك البحور؛ وله أخبار مشهورة، وقصص مأثورة، فيها بعض الطول، وهي عادلة عن تلك السبيل، لكني ألمع منها بلمعةٍ.

قال ابن حيان: تعطلت قصبة باجة في ذلك الأوان بسبب فتنة البرابرة وخربت، على قدم بنائها في الجاهلية، واتصال عمرانها في الإسلام، ومكانها من طيب الميرة واتساع الخطة، وكانت آفاتها من اختلاف أهلها قديماً، وبقاء شؤم العصبية بين العرب منهم والمولدين إلى آخر الأيام

<<  <  ج: ص:  >  >>