للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أودعها هام الملوك الذين أبادهم بسيفه، منها رأس محمد بن عبد الله البرزيلي شهاب الفتنة، ورؤوس الحجاب ابن خزرون وابن نوح وغيرهم الذين قرن رؤوسهم برأس إمامهم الخليفة يحيى بن علي بن حمود، سابقهم إلى تلك الرفعة، فخص رؤوسهم بالصون بعد إذالة جسومهم الممزقة، وبالغ في تطييبها وتنظيفها للثواء لا للكرامة، وأودعها المصاون الحافظة لها، فبقيت عنده ثاويةً تجيب سائلها اعتباراً؛ انتهى كلام ابن حيان.

قال ابن بسام: فلما افتتحت إشبيلية وخلع المعتمد، حدثت أنه وجد جوالق مطبوع عليه، وظن أنه مال أو ذخيرة، فإذا هو مملوء رؤوساً، فأعظم ذلك وهال أمره، فدفع كل رأس منها لمن كان بقي من عقبهم بالحضرة، أخبرني من رأى رأس يحيى بن علي بن حمود يومئذ ثابت الرسم متغير الشكل، فدفع إلى بعض ولده فدفنه.

قال ابن حيان: وكان عباد أوتي أيضاً من جمال الصورة، وتمام الخلقة، وفخامة الهيئة، وسباطة البنان، وثقوب الذهن، وحضور الخاطر، وصدق الحس، ما فاق أيضاً به على نظرائه. ونظر مع ذلك في الأدب، قبل ميل الهوى به إلى طلب السلطان، أدنى نظر بأذكى طبع، حصل منه لثقوب ذهنه على قطعة وافرة علقها من غير تعهد لها، ولا إمعان في غمارها، ولا إكثار من مطالعتها، ولا منافسة في اقتناء صحائفها، أعطته نتيجتها على ذلك ما شاء من تحبير الكلام، وقرض قطع من الشعر ذات طلاوة، في معان أمدته فيها الطبيعة، وبلغ فيها الإرادة، واكتتبتها

<<  <  ج: ص:  >  >>