النهى يعجبون ويعجبون مما شهر به نفسه من البطالة، أيام الحروب المحرمة لأطهار النساء على فحول الرجال العاقدة للأزرة، وعلى ما كان يدعيه لنفسه من الأدب والمعرفة، وبحثت على هذه الأعجوبة وما الذي حمله على هذا افن فإذا به ناغى كاشحه المعتضد المرتاح بعد الظفر لاجتلاب قينة عبد الرحيم الوزير من قرطبة، إثر وفاته يومئذ، وقد استدعاها لما وصفت له بالحذق في صنعتها، فوجهت نحوه، فنقيله المظفر في إظهار الفراغ وطلب الملهيات، وقد علم العالم أنه لفي شغل عنهن. فامتد شأو هذين الأميرين يومئذ في الغي وتباريا في القطيعة حتى أفنيا العالمين، إلى أن سنى الله بينهما الصلح، في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين، بسعي ابن جمهور أمير قرطبة، كعادته بينهما، بعد كتب ورسل في ذلك، والمظفر يمتطي اللجاجة هنالك.
فلما سكنت الحال بينهما فرغ المعتضد إلى حرب الأمراء الأصاغر بالغرب، كابن يحيى وابن هارون وابن مزين والبكري، وأتيح له من الظفر عليهم ما حاز به أملاكهم وضمها جملةً إلى عمله، ثم مد يده بعد إلى القاسم بن حمود صاحب الجزيرة الخضراء، فرضة المجاز من الأندلس