للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى أرض العدوة التي كان منها فتحها ومن قبلها ما أتاها على قدم الدهر، وذلك أنه لما وجد هذا الفتى، على نباهته وجلالة عمله، أضعف أمراء البرابرة شوكةً وأقلهم رجالاً، صمد له وحصره، فاستغاث القاسم حلفاءه بالأندلس وصاحب سبتة سقوت البرغواطي مولى ابن حمود، فأبطأ عليه حتى سقط في يده، ونزل على أمان، وآل أمره إلى أن لحق بقرطبة وأسكنها تحت كنف ابن جهور مع نظرائه من المخلوعين.

فلما كانت سنة إحدى وخمسين، وقد أتيح له من الظفر ما أتيح، اتصلت الأنباء عندنا بقرطبة بصموت منابره في جميع أعماله عن ذكر إمامه هشام بن الحكم، صاحب الرجعة، الذي اتصل الدعاء له على منابره من عهد قيام والده إلى آخر هذه السنة، يومئ إليه بالحياة في غياهب الحجب من غير ظهور لخاصة ولا عامة، ودعوته على ذلك كله [٧أ] مرفوعة عند من ائتسى بالمعتضد من أمراء شرق الأندلس، إلى أن قطعها قاطع الأعناق عليها ابن عباد، فذكر أنه دعا وجوه حضرته فنعى لهم إمامهم هشاماً، وكشف إليهم تقدم وفاته من علة زمانية، ووصف أن الحال التي كان بسبيلها من اشتداد الفتنة بينه وبين من تظاهر عليه من أمراء الأندلس الدانين منه عاقه يومئذ عن البوح بوفاة هذا الإمام والشهرة لدفنه، إعطاء للحزم بقسطه، فلما سكنت الحال وجب التصريح بالحق، وعطف - زعموا - بكلامه على شحذ بصائرهم في التمسك بحبل الإمامة، والفرار عن الميتة الجاهلية. وذكر أنه خاطب من كان تحت دعوة هذا المنعي هشام من أمراء الأندلس ناعياً له، داعياً إلى التعوض منه، فارتفعت الدعوة منذ ذلك الوقت، وصارت هذا الميتة لحامل

<<  <  ج: ص:  >  >>