للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الدخول، فدخل الحاجب وأعلمه، فقال الصاحب، قل له:

لقد ألزمت نفسي ألّا يدخل عليّ من الأدباء إلا من يحفظ عشرين ألف بيت من شعر العرب، فخرج إليه الحاجب وأعلمه بذلك، فقال له أبو بكر: إرجع إليه وقل له: هذا القدر من شعر الرّجال أم من شعر النساء؟

فدخل الحاجب فأعاد عليه ما قال، فقال الصاحب: هذا يريد أن يكون أبابكر الخوارزميّ، فأذن له في الدخول، فدخل عليه فعرفه وانبسط له» [٦٩] . وعلى أن هذه الرواية «ظاهرة التكلّف والافتعال» [٧٠] إلّا أن دلالتها على سعة حفظ أبي بكر تبقى قائمة، فقد كان أبوبكر يحفظ في هجاء المغنين وحدهم «ما يقارب ألف بيت» [٧١] .

ومن روايات شهرته ما يدلّ على سعة علمه باللغة، فقد قيل إنّه دخل «على الصاحب في أوّل لقائه إياه فارتفع على الحاضرين في مجلسه من العلماء والأدباء- والجماعة لا تعرفه- فتساءلوا عنه وغاظهم ما رأوا منه، وقال أحدهم: من ذا الكلب؟ - قولا سمعه أبوبكر- فالتفت إليه، وقال: الكلب من لا يعرف للكلب مائة اسم، ويحفظ في مدحه مائة مقطوعة وفي ذمّه مثلها. فقال الصاحب: فأنت أبوبكر


[٦٩] الوفيات ٤: ٤٠١، وينظر الشذرات ٣: ١٠٥.
[٧٠] في الأدب العباسي: ٥٩، وقد سبق الدكتور زكي مبارك إلى شيء من هذا الرأي في النثر الفني ٢: ١٦٠.
[٧١] خاص الخاص: ٦٤.

<<  <   >  >>