ذلك حينا آخر، مما جعلني أجتهد في فرز الأمثال فرزا يقع عليّ وزره إذا أخطأت.
ولقد كنت أتمنّى صنع فهرس هجائي لهذه الأمثال ييسّر على الباحثين الاستفادة منها فمنعني من ذلك أنني لو صنعته لكان معنى ذلك أنني أعيد تأليف الكتاب مرّة أخرى، فلا يكون الفهرس- حينذاك- أقلّ حجما من الكتاب نفسه.
ولا أريد أن أفيض في الحديث عن عملي في هذا الكتاب، فقد عملت فيه ما يعمله أيّ محقّق، ولكنني أريد أن أقول: إنني لا أشك- ولا أكاد أشك- في أنّ هنالك أشياء قد فاتتني، وأخرى يختلف معي فيها الآخرون، فرحم الله امرءا أهدى إليّ عيوبي فيه. على أنني لم أقصّر في الذي قصّرت فيه عن عمد، وإنّما «هذا جناي وخياره فيه» .
ولا أريد أن أمتنّ على الكتاب بما أحييت منه، وما ينبغي لي أن أفعل، ولكنني أريد أن أمتنّ عليه بما شققت به على أصدقائي الأفاضل من أمره. وإذا كنت قد تحدّثت عن فضل الضمّور عليه فضلا لا يسعه الشكر، فإنّه يسرّني كثيرا أن أثني ثناء حارّا على صديقيّ الكريمين الأستاذين: الدكتور أبي العيد دودو، وعبّود عليوش اللذين لم يبخلا عليّ بمشورة، ولم يضنّا عليّ بكتاب من مكتبتيهما العامرتين، فلهما مني أصدق الشكر وأجمل الثناء. ويزيد من ثقل ما طوّقنيه الدكتور دودو من فضل في هذا الكتاب أنه نظر فيه بعد إذ أنجزته فخرج بملاحظات أفدت منها، فكان من حقه عليّ أن أشكره مرّتين.