للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والورد، وطووا ذكر الأثافي والرّماد والوقوف على الأطلال والأوتاد إلى ذكر البساتين والأنهار، والتعلّل بالأنوار والأزهار، وأغبّوا ذكر «زينب» و «عثمة» وأكثروا ذكر «تحيّة» و «نزهة» ، إذ كان هذا أجرى على لسانهم، وأشبه بحكم زمانهم، وقد قال أمير المؤمنين [١] : «الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم» ، فبالجملة أنّ الناس بالزّمان، والزّمان بالسلطان، والسّلطان متصرّف على حكم حاشيته وبطانته، وناظر بأعين كتّابه وكفاته، وجلّهم بل كلّهم مائل عن مرارة [٢] الجدّ إلى حلاوة الهزل، يستبشع الإعراب ويلعن الأعراب، ويتطيّر من شعر الشماخ والطّرمّاح إذا رووه، وينفر من كلام قسّ [٣] و [ابن] الأهتم [٤] إذا حكوه، فإن فاوضه مستعطف ببيت لحاتم طيّء زوى وجهه، وصعّر


[١] حيث يذكر المؤلّف أمير المؤمنين فهو يريد به الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام. ولم أجد كلمته في نهج البلاغة، وهي في مجمع الأمثال ٢: ٣٥٨.
[٢] في الأصل: مواردة، وهو تحريف.
[٣] هو قس بن ساعدة الإيادي، الخطيبب المشهور.
[٤] في الأصل: الأهتم، والأهتم هو سنان بن سميّ ... بن منقر من بني تميم، ولم يعرف عنه أنه ضرب به المثل في الخطابة، وإنما الذي قال فيه الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلّم) : «إن من الشّعر لحكما، وإن من البيان لسحرا» هو ابنه عمرو بن الأهتم، وعمرو من مخضرمي الجاهلية والإسلام. الشعر والشعراء ٢: ٦٣٢- ٦٣٣، ولباب الآداب: ٣٣٣، ٣٥٤، ٣٥٥ حاشية. على أن الخوارزمي نفسه ضرب المثل في رسائله بابن الأهتم وليس بأبيه، وضربه في شعره كما في اليتيمة ٤: ٢٠٥.

<<  <   >  >>