للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقلت للأسيدىّ «١» : والله لقد أوجعكم (يعنى فى الهجاء) ، فقال: يا أحمق أو ذاك يمنعه من أن يكون شاعرا! ويروى أن الفرزدق كان حسن التديّن محمود السيرة، وأنه كان إذا ضحك فاستغرب فى الضّحك التفت كأنه يخاطب ملكيه، فقال: أما والله لأسمعنّكما خيرا: لا إله إلا الله والحمد لله وأستغفر الله. ويروى «٢» أنه اجتمع هو والحسن البصرى فى جنازة فقال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد، أتدرى ما يقول الناس؟ قال: لا، قال: يقولون اجتمع فى هذه الجنازة خير الناس وشرّ الناس، فقال الحسن: كلّا لست بخيرهم ولست بشرّهم، ولكن ما أعددت لهذا الموضع؟

قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين «٣» سنة، فقال الحسن: خذها والله من غير فقيه، ثم أنشأ الفرزدق يقول «٤» :

أخاف وراء القبر إن لم يعافنى ... أشدّ من القبر التهابا وأضيقا

إذا قادنى نحو القيامة قائد ... عنيف وسوّاق يسوق الفرزدقا

لقد خاب من أولاد آدم من مشى ... إلى النار مغلول القلادة أزرقا «٥»

يقاد إلى نار الجحيم مسربلا ... سرابيل قطران لباسا ممزّقا

إذا شربوا فيها الصديد «٦» رأيتهم ... يذوبون من حرّ الجحيم تحرّقا

<<  <   >  >>