فلما جاءت إلى أبيها قال لها: لعلك أسأت عشرة زوجك، قالت: لا والله يا أمير المؤمنين، ما أدرى لم طلّقنى؟ فوجّه إليه معاوية فأحضره، فقال: ما أنكرت من أهلك؟
قال: لا شىء والله يا أمير المؤمنين، إلا أنى نظرت إلى وجهى ووجهها فى المرآة، فرأيت شيئا قد ظهر بى، فكرهت أن يفسد شبابها معى، فطلقتها لتتمتّع بالأزواج.
وقال جرير فى كلمة له «١» :
يا قلّ خير الغوانى كيف رعن به ... فشربه وشل فيهنّ تصريد
أعرضن من شمط فى الرأس مشتعل ... فهنّ عنى إذا أبصرننى حيد
قد كنّ يعهدن منّى مضحكا حسنا ... ومفرقا حسرت عنه العناقيد
فهنّ ينشدن منى بعض معرفة ... وهن بالودّ لا بخل ولا جود
قد كان عهدى حديثا فاستبدّ به ... والعهد متّبع ما فيه منشود
فقلن لا أنت بعل «٢» يستقاد له ... ولا الشباب الذى قد فات مردود
كأنما باتت الصّردان «٣» تنتفه ... حتى تطاير عنه طيره السود
هل الشباب الذى قد فات مردود ... أم هل دواء يردّ الشيب موجود
لن يرجع الشّيب شبّانا ولن يجدوا ... عدل الشباب لهم ما أورق العود
إن الشباب لمحمود بشاشته ... والشيب منصرف عنه ومصدود
وأنشدنى مسعود «٤» بن بشر:
قعد «٥» الشيب بى عن اللّذّات ... ورمانى بجفوة القينات
فإذا رمت ستره بخضاب ... فضحته طلائع الناصلات