وقال يونس النحوى: ما بكت العرب على شىء بكاءها على الشباب، وما بلغت به كنه ما يستحقّ. ويروى أن بعضهم رأى يوما شيبة فى رأسه فقال: شرّ بديل وخير مبدول. وقال ابن قيس الرّقيّات «١» :
رأت «٢» بى شيبة فى الرأ ... س منى ما أغيّبها
فقالت «٣» : أبن قيس ذا؟ ... وبعض الشيب يعجبها
أى تتعجّب منه، ليس أنها معجبة به. وأنشدنى أبو العالية «٤» :
يا ربّ بيضاء على مهشّمه ... أعجبها أكل البعير الينمه «٥»
بيضاء: امرأة. ومهشّمة: موضع، أعجبها أى تعجّبت منه، كما قال الجعدىّ يصف ثورا:
فأراه صورة تعجبه
وقال النمر بن تولب:
لعمرى لقد أنكرت نفسى ورابنى ... خلائق منها لم تكن من شمائلى
مطاوعتى من كنت لست أطيعه ... وأنى أرى بثّى عن اللهو شاغلى
وبدّل رأسى الشيب بعد سواده ... فأصبحت ذا شغل وأقصر باطلى
وأصبحت قد أعرضن عنى وسؤننى ... وأخلفننى عهد الخليل المماطل
ألا إن شيب الرأس ليس بأفة ... تضيرك إلا فى النساء الجواهل
وحدّثنى الرياشى قال: تزوّج عبد الله بن عامر بأم كلثوم بنت معاوية، فنظر إلى وجهه فى المرآة مع وجهها فرأى شيبة فى لحيته، فقال لها: أيتها المرأة، الحقى بأهلك،