يقول: تسوّر الشيب وأنا غافل، أى كما يفعل اللّص، أى تقحم. وقوله: قدّام قيامى نهض. يقول: إذا أردت أن أقوم نؤت أوّلا ثم استقللت، أى صرت كبيرا لا أستقل بنهضتين «١» ولا ثلاث.
وحدّثنى التوّزىّ قال: رأى رجل «٢» من العرب بنيه يركبون الخيل باقتدار، فأعجبه ذلك منهم، فحاول مثل ذلك مرّة أو مرتين، فأعجزه الوثوب، فقال: من سرّه بنوه ساءته نفسه. وقال بعضهم:
يموت منّى كلّ يوم شىّ ... وأنا فى ذاك صحيح حىّ
وكم عسى ما قد يدوم الفىّ «٣» ... وآخر الداء العياء الكىّ
وحدّثنى الرياشىّ- ولا أحفظ عمن حدّثنيه- قال: دخل أبو الأسود الدّئلىّ على عبيد الله «٤» بن زياد فقال يهزأ به: يا أبا الأسود، لو علّقت عليك تميمة! فإنك جميل الوجه، فقال أبو الأسود «٥» :
أفنى الشباب الذى أفنيت جدّته ... مرّ الجديدين من آت ومنطلق
لم يتركا لى فى طول اختلافهما ... شيئا يخاف عليه لذعة الحدق
وأنشد:
من يشترى شيخين منّى بفتى ... إنّ الشيوخ فيهم كلّ أذى
قال أبو العباس: كانت العرب تذكر الشيب فى أشعارها إمّا مدحا وإما ذمّا، وشعرهم فى ذمّه أكثر منه فى مدحه. ويروى أنه قيل: ما بال شعركم فى الشيب أحسن أشعاركم فى سائر قولكم؟ قالوا «٦» : لأنا نقوله وقلوبنا قرحة.