للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فكان المعنى قد يساوي ألفاظ البيت تارة، ويزيد عليها تارة، وينقص عنها أخرى، فكان الأحسن أن يزيد المعنى؛ لأن اللفظ الحسن بغير معنى كامرأة ميتة حسنة الصورة.

وكلما كانت معاني الكلام أكثر، ومدلولات ألفاظه أتم كان أحسن، ولهذا قيل خير الكلم ما قل ودل، فإذا كان أصل الحسن معلولا لأصل الدلالة.

وحينئذ يتم إشعاع الجملة، لأن المعاني إذا كثرت، وكانت الألفاظ تفي بالتعبير عنها احتيج بالضرورة إلى أن يكون الشعر يتضمن ضروبا من الإشارة وأنواعا من الإيماءات والتنبيهات، فكان فيه غموض، كما قال البحتري:

والشعر لمح تكفي إشارته ... وليس بالهذر طولت خطبه١

ولسنا نعني بالغموض أن يكون كأشكال إقليدس والمجسطي والكلام في الجزء، بل أن يكون بحيث إذا ورد على الأذهان، بلغت عنه معاني غير مبتذلة، وحكما غير مطروقة، فلا يجوز أن يكون الشعر الذي يتضمن الحكم ليس بالأحسن، فثبت أن الشعر الذي يتضمن الحكم هو أحسن الشعر، ومعلوم أن


١ يقول قبل هذا البيت:
كلفتمونا حدود منطقكم ... والشعر يغني عن صدقه كذبه
ولم يكن ذو القروح يلهج بالمنطق ما نوع وما سببه من قصيدته التي رد بها على عبيد الله بن عبد الله "ولعله ابن طاهر" التي مطلعها:
لا الدهر مستنفد ولا عجبه ... تسومنا الخسف كله نوبه
نال الرضا مادح وممتدح ... فقل لهذا الأمير ما غضبه؟
الديوان ١/ ١٣٢.

<<  <   >  >>