وقارن بين حال المتبع والمخالف أو المبتدع، فالمتبعون في جنات فائزون مهتدون مرحومون، والمخالفون قد بلغ منهم الأسى مبلغه وعضوا الأنامل حسرات، وشروا في جهنم جماعات يلعن بعضهم بعضا، ويدعو بعضهم على بعض.
ومن أدل الآيات الموجبة للتسليم لحكمه -صلى الله عليه وسلم-، والانقياد له قوله تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} وفي هذه الآية أقسم سبحانه بأجل مقسم به - وهو نفسه عز وجل - على أنه لا يثبت لهم إيمان، ولا يكونون من أهله، حتى يحكموا رسول الله في جميع موارد النزاع وفي جميع أبواب الدين فإن لفظه (ما) من صيغ العموم، ولم يقتصر الأمر على مجرد التحاكم، بل ضم إليه انشراح صدورهم بحكمه حيث لا يجدون في أنفسهم حرجا. ضيقا. من حكمه، بل يقبلوا حكمه بالانشراح، ويقابلوه بالتسليم لا أنهم يأخذونه على إغماض، ويشربونه على قذى، فإن هذا مناف للإيمان، ثم لم يقتصر سبحانه على ذلك حتى ضم إليه قوله تعالى:{وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فذكر الفعل مؤكدة بمصدره القائم على ذكره مرتين، وهو التسليم والخضوع والانقياد طوعًا ورضًا، وتسليمًا لا قهرًا ومصابرة، كما يسلم المقهور لمن قهره كرهًا، بل تسليم عبد مطيع لمولاه وسيده