للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يطهر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب ١ دبغ فقد طهر" ٢. وأما الأقيسة وشبهها فلا ينبغي له ذكر شيء منها.

وفيما وجدناه عن الصيمري قال: لم تجر العادة أن يذكر في فتواه طريق الاجتهاد، ولا وجه القياس والاستدلال، اللهم إلا أن تكون الفتوى تتعلق بنظر قاض فيومئ فيها إلى طريق الاجتهاد، ويلوح بالنكتة التي عليها بنى الجواب، أو يكون غيره قد أفتى فيها بفتوى غلط فيها عنده، فيلوح بالنكتة التي أوجبت خلافه ليقم٣ عذره في مخالفته٤.

قلت٥: وكذلك لو كان فيما يفتي به غموض فحسن أن يلوح بحجته، وهذا التفصيل أولى مما سبق قريبًا ذكره عن القاضي الماوردي من إطلاقه القول: بالمنع من تعرضه للاحتجاج, وقد يحتاج المفتي في بعض الوقائع إلى أن يشدد ويبالغ فيقول: هذا٦ إجماع المسلمين, أو: لا أعلم في هذا خلافًا, أو: فمن خالف هذا فقد خالف الواجب وعدل عن الصواب, أو: فقد أثم وفسق, أو: على ولي الأمر أن يأخذ بهذا ولا يهمل الأمر, وما أشبه هذه الألفاظ على حسب ما تقضيه المصلحة وتوجبه الحال٧، والله أعلم.


١ "الجلد، وقيل: إنما يقال للجلد إهاب قبل الدبغ، فأما بعده فلا، وقيل: هو كل جلد دبغ أو لم يدبغ"، انظر النهاية: ١/ ٨٣، تاج العروس مادة "أهب".
٢ رواه مسلم في الحيض، باب طهارة جلود الميتة، حديث رقم: "٣٦٦"، وأبو داود في اللباس، باب أهمية الميتة، حديث رقم "٤١٢٣"، والترمذي في اللباس، باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت حديث رقم: "١٧٢٨"، والنسائي: ٧/ ١٧٣ في الفروع والعتيرة، باب جلود الميتة. ومالك في الموطأ: ٢/ ٤٩٨ في الصيد، باب ما جاء في جلود الميتة، والشافعي كما في ترتيب المسند: ١/ ٢٦، وأحمد في المسند: "١/ ٢١٩، ٢٢٧، ٢٣٧ و٢٦١-٢٦٢" وغير ذلك من الصفحات.
٣ في ف وج: "ليفهم".
٤ الفقيه والمتفقه: "٢/ ١٩١-١٩٢"، المجموع: ١/ ٩٠، صفة الفتوى: ٦٦، وانظر إعلام الموقعين: ٤/ ١٦١-١٦٣، ٢٦٠".
٥ في ش: "قال المصنف رضي الله عنه".
٦ في ش: "وهذا".
٧ الفقيه والمتفقه: ٢/ ١٩٢، المجموع: "١/ ٩١-٩٢"، صفة الفتوى: "٦٦-٦٧"، إعلام الموقعين: ٤/ ٢٦٠.

<<  <   >  >>