للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"الأول: قطع الإمام العلامة أبو عبد الله الحليمي إمام الشافعيين بما وراء النهر، والقاضي أبو المحاسن الروياني, وغيرهما: بأنه لا يجوز للمقلد أن يفتي بما هو مقلد فيه.

وذكر الشيخ أبو محمد الجويني في "شرحه لرسالة الشافعي" عن شيخه أبي بكر القفال المروزي: أنه يجوز لمن حفظ مذهب صاحب مذهب ونصوصه أن يفتي به وإن لم يكن عارفًا بغوامضه وحقائقه.

وخالفه الشيخ أبو محمد وقال: لا يجوز أن يفتي بمذهب غيره إذا لم يكن متبحرًا فيه.

قلت: قول من قال: لا يجوز أن يفتي بذلك معناه أنه لا يذكره في صورة ما يقوله من عند نفسه، بل يضيفه ويحكيه عن إمامه الذي قلده ... "١.

ومثال ذلك أيضًا قوله وهو يتحدث عن "صفة المستفتي وأحكامه وآدابه":

"الخامسة: قال أبو المظفر السمعاني: إذا سمع المستفتي جواب المفتي لم يلزمه العمل به إلا بالتزامه، ويجوز أن يقال: إنه يلزمه إذا أخذ في العمل به، وقيل: يلزمه إذا وقع في نفسه صحته وحقيقته.

قال: وهذا أولى الأوجه.

قلت: لم أجد هذا لغيره ... "٢.

وغير ذلك من الأمثلة التي سيلاحظها القارئ وهو يطالع الكتاب. فابن الصلاح رحمه الله تعالى ليس بحاطب ليل، فهو الفقيه المتمكن الذي "أشغل وأفتى، وجمع وألف"٣.


١ "أدب المفتي": "١٠١-١٠٢".
٢ "أدب المفتي": ١٦٦.
٣ سير أعلام النبلاء: ٢٣/ ١٤١.

<<  <   >  >>