للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغة الوصفي أحدهما بالآخر على الإطلاق، وكلاهما يعتمد بشكل صريح أو ضمني على الآخر، فعلم اللغة العام يقدم التصورات والتصنيفات التي تحلل اللغات المعينة على أساسها، وعلم اللغة الوصفي يقدم بدوره المعلومات التي تؤكد الفرضيات والنظريات المطروحة أمام علم اللغة العام أو تفندها، فعلى سبيل المثال يمكن أن يصوغ اللغوي العام الفرضية التي تذهب إلى أن كل اللغات فيها أسماء وأفعال، واللغوي الوصفي يمكن أن يفند هذه الفرضية بدليل تجريبي على وجود لغة واحدة على الأقل لا يمكن عند وصفها تأسيس فارق مميز بين الأفعال والأسماء لكنه كي يفند هذه الفرضية أو يؤكدها يجب عليه أن يتعامل مع بعض التصورات الخاصة بالاسم والفعل التي يمده بها اللغوي العام.

وتوجد بطبيعة الحال كل أنواع الأسباب وراء الرغبة في وصف لغة معينة، وكثير من أولئك الذين يعملون في علم اللغة الوصفي لا يعملون فيه بسبب اهتمامهم بتقديم معلومات لعلم اللغة العام أو باختبار النظريات والفرضيات المتضاربة ولكن بسبب رغبتهم في إخراج مرجع نحوي أو معجم لأغراض عملية غير أن هذا لا يؤثر في الاعتماد المتبادل للفرعين المتكاملين: علم اللغة العام، وعلم اللغة الوصفي.

ولقد عني اللغويون كثيرا خلال القرن التاسع عشر ببحث تفاصيل التطور اللغوي للغات معينة، وبصياغة فرضيات عامة عن التغير اللغوي، والفرع العلمي الذي يتناول هذه القضايا يعرف الآن -وبشكل مألوف إلى حد بعيد- بعلم اللغة التاريخي١، ومن الواضح أنه في علم اللغة التاريخي كما في


١ علم اللغة التاريخي "historical Linguistics" فرع من فروع علم اللغة يدرس تطور اللغة واللغات عبر الزمن ويعرف كذلك بـ"diachronec Linguistics" وتتطابق مادة دراسته مع مادة دراسة الفيلولوجيا المقارنة أي: التسجيلات والنقوش الممتدة من أقدم ما وصل إلينا من اللغة غير أن المناهج والأهداف تختلف فيهما فعلم اللغة التاريخي يستخدم مناهج المدارس المختلفة في علم اللغة الوصفي "وتشمل علم الاجتماع اللغوي، وعلم النفس اللغوي فيما يتعلق بصفة خاصة بأسباب التغير اللغوي" ومن ثم يواجه المرء بمجالات فرعية مثل النحو التاريخي، والفونولوجيا التاريخية والمورفولوجيا التاريخية ويهدف إلى ربط نتائج البحث بالنظرية اللغوية العامة.

<<  <   >  >>