للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحرب والعلم والفن -هو محور الوجود الحياتي، المادي والمعنوي- إلا أنه يكون محور هذا الوجود بما يتمتع به من قدرات وخصائص نفسية، وما يمكن وراء تغيير هذا الوجود من طاقة نفسية وجهد دافعي وقوة إبداعية ما هي إلا إمكانات ينفرد بها الإنسان في عملية نموه وتكوينه.

ولا جدال في أن الآباء والمربين والباحثين النفسيين والاجتماعيين كثيرًا ما يتأملون طويلا في لغز الطفولة ومصاعب المراهقة ومعين أسرارها, فكم من باحث مشهود له بطول الباع في ميادين تخصصه، يؤلف الأسفار الضخمة حولهما وكيفية تقديمهما, ثم نجده في النهاية يعترف بلا مواربة بأن ما بذله من جهد لم يكن إلا محاولة متواضعة لمعرفة النزر اليسير عن هاتين المرحلتين الحرجتين من حياة الإنسان, وكم من دارس قد كرس جهدًا صادقًا دفاعًا عن الطفولة البريئة وانتصارا لها، واهتمامًا بالمراهقة القلقة، إلا أنه يشعر في نهاية المطاف أنه لم يوف الموضوع حقه رغم ما بذله من جهد ومعاناة.

ولا يساورني أدنى شك في أن كثيرًا من الأسئلة تعن على أذهان الآباء والمعلمين على حد سواء، وجميعها ترمي إلى غاية واحدة، تلك هي: ماذا يجب أن أفعل لكي أجعل طفلي أسعد حالا وأسلس قيادة وأرصن شخصية؟ وكيف أسوس هذا المراهق المندفع وما هي السبل إلى ترويضه؟ وكيف نتعامل مع شباب اليوم ونحاول حمايتهم من كثير من الاضطربات النمائية والانحرافات السلوكية التي قد يتعرضون لها؟ وكيف نزيد من تفهمنا لكبار السن؟

وفي ثنايا هذا الكتاب جهد متواضع، توخيت منه تناول بعض مسائل الطفولة وجوانب المراهقة والشباب بالإضافة إلى فترة الشيخوخة, وما هو إلا رغبة صادقة في أن أضع بين يدي القارئ المهتم بهذه الأمور ما عساه أن يكون نافعًا مجديًا في هذا الشأن, وإني كأب وكفرد يهتم أصدق الاهتمام بالطفولة والمراهقة وبالنواحي التربوية القائمة على أسس من الدراسات النفسية، أرى أن يعار الطفل ما هو جدير به من رعاية وعناية وأن يوجه المراهق وفق قواعد حكيمة رصينة، وأن نحاول تفهم شبابنا، ونفتح أمامهم فرص النمو المختلفة، لنساعدهم على إثبات ذواتهم، بالإضافة إلى إدراكنا لأهمية فترة الشيخوخة وما يعتريها من نقصانات إنمائية، مما يستلزم اتباع الطرق الملائمة للتعامل مع المسنين لنوفر لهم حياة خالية من الصراعات والاضطرابات النفسية.

<<  <   >  >>