للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الخرافة الثامنة: غرابة الأطوار أو الخبل]

إن القدرة على الاقتراب من الآخرين وعلى الاستمرار في التعرف اللائق اجتماعيا، وعلى التفاعل مع الآخرين بانسجام، تتقدم وتتحسن على مدى حياة كل فرد منا. إن الشباب أو متوسطي العمر من ذوي الصحبة السارة يملكون مظهرا جذابا بصفة عامة، وعلى درجة من الوعي والحساسية بمشاعر الآخرين ويستمر لديهم مثل هذا الاتجاه حتى في مرحلة الشيخوخة, وعلى العكس من ذلك الفرد كثير الشكوى من عيوب الآخرين، فمن الصعب إرضاؤه، وهو بصفة عامة سلبيا في اتجاهاته نحو الآخرين ونحو الظروف المختلفة. إن المبررات ليست كافية لعدم استمرار مثل هذه الخصائص في الظهور خلال مرحلة الشيخوخة كما أن أنماط التوافق والسلوك الاجتماعي التي يسلك بمقتضاها المسنون تشبه تلك الأنماط والسلوكات التي أبداها نفس هؤلاء الأفراد عندما كانوا في مقتبل العمر ومنتصف الشباب. "بوتونك Botwinick؛ ١٩٧٣". فقد أظهرت نتائج الأبحاث أن نسبة الأفراد الذين وصلوا إلى مرحلة الشيخوخة والذين اتصفوا بالغرابة، وحدة الطباع وانحراف المزاج، لا تختلف بدرجة كبيرة عن نسبة مثل هؤلاء الذين يمكن أن تضمهم أي مجموعة عمرية أخرى، وهذه الملاحظة في حد ذاتها مفاجئة لتعرض الأكبر سنا لضغوط ومشكلات أكثر ما يتعرض له الأصغر سنا، إن التعرض لمثل هذه الضغوط سوف يخلق أفرادا سلبيين اجتماعيا عند وصولهم إلى مرحلة الرشد أو الرشد المتأخر ومع ذلك فلا يبدو أن هذا صحيح بصورة مطلقة.

ومن الواضح أن معظم الأفراد ينمون طرقا متميزة معينة للتفاعل الاجتماعي وللاتصال بالبيئة وللتعامل مع الآخرين, وما أن تنمو مثل هذه الطرق فإن أساليب الاستجابات المميزة هذه تميل إلى الثبات والاستمرار خلال مرحلة الشيخوخة، ويميل الاتساق الاجتماعي أو التكيف للظروف إلى الاستمرار والسيادة بغض النظر عن تقدم العمر الزمني فلو أنك كنت من غريبي الأطوار الآن فكل الاحتمالات تشير إلى استمرار مثل هذه الخصائص عندما تصبح شيخا مسنا, وبالمثل لو أنك نميت اتجاها اجتماعيا موجبا فلا أساس للاعتقاد بأن تراكم السنوات سيمحو لديك أوجه الخصائص المميزة لشخصيتك.

<<  <   >  >>