للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يؤدي تقليد ومحاكاة الصغار للكبار، في جميع مراحل نمائهم إلى اكتساب المهارات الاجتماعية، وعلى الرغم من أن الطفل الرضيع لا يكون نشطًا في تعلم المهارات الاجتماعية، إلا أننا نجده في نهاية السنة الأولى وبداية الثانية تقريبًا يبدي العديد من الأنماط السلوكية التقليدية التي تعزز تفاعلاته الاجتماعية, وتبدأ هذه العملية بالخرير أو الثرثرة التقليدية وطالما تتضمن تقليد حركات الآخرين, وحينئذ يجد الآباء أنفسهم لا يتعاملون مع طفل يبتسم وينظر إليهم فقط ولكنه بالإضافة يحاكيهم ويقلدهم فيما يصدر عنهم من أصوات, وعلى الرغم من أن تلك الأصوات الصادرة من الرضيع عادة لا تكون مفهومة، إلا أننا عادة ما نجد الآباء يستجيبون بتغيرات يملؤها السرور والتعاطف مع الرضيع والتي تثري الخبرة الاجتماعية له.

ويميل الرضيع إلى تقليد ما يراه وكذلك ما يسمعه، ويؤدي ذلك في نهاية السنة الأولى وبداية الثانية إلى ظهور نماذج جديدة هزيلة كثيرة في تفاعل الآباء مع الطفل وفي ذلك يشير Parton؛ "١٩٧٦" عندما يرفع الآباء أيديهم قائلين: آه آه, نجد الأطفال الصغار يقلدون ذلك وينطقون نفس الحروف, ومن ثم تبدأ لعبة مضحكة ويستطرد بقوله، أن التقليد تعبير واضح للاهتمامات والميول الاجتماعية كما أنه وسيلة ذات فعالية للحصول على الاستجابة الاجتماعية.

والسلوك المقلد لا يسير خلال شكل غير انتقائي كما نرى ذلك في ابتسامة الرضيع، ولكنه يكون موجهًا منذ البداية إلى الانتقاء لأفراد مألوفين حيث ينمي الطفل تجاههم بعضا من الارتباطات والعواطف المعينة، وبالتالي فإن التفاعلات المتبادلة المكافئة والتي تصاحب السلوك المحاكي عادة ما تغذي وتدعم هذه الارتباطات المعبرة داخل ارتباطات وعواطف معينة، فإنه من المفيد أن نتأمل بداياتها وبعد ذلك نفحص بإيجاز بعض العوامل التي تؤثر في الأنماط السلوكية الإشارية التوجيهية التي تسبق السلوك الارتباطي.

<<  <   >  >>