للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مشوقة انبثقت من الدراسة على الحيوان حيث كان يوضع بعض القردة الصغار في قفص يستطيعون منه رؤية وسماع أمهاتهم في قفص آخر، إلا إنهم لا يتمكنوا من الحصول على أي اتصال جسمي معهم، ففي بداية الأمر كانوا يصرخون ويدورون حول أنفسهم ويقفزون أعلى وأسفل وينظرون إلى أمهاتهم أغلب الوقت، وبعد ثلاثة أسابيع من الفصل وجد أن هذا الاحتجاج يبدأ في الاختفاء ويصبح القردة الصغار في حالة تبلد, ويوقفون اللعب سويًا حتى يتوقفوا عن النظر إلى أمهاتهم, وفي حالة إعادتهم إلى أمهاتهم من جديد نجدهم يظلون فترة كبيرة ملتصقين بهم بشدة قبل ابتدائهم التصرف بصورة عادية مرة أخرى.

ولقد لوحظ أنه عندما يفصل الوليد البشري عن أبويه لعدة أيام، فإنه يميل إلى إبداء نفس النوع من الاحتجاج واليأس والقنوط كما كان ذلك في القردة التجريبية، ففي أول الأمر كانوا يبحثون عن أمهاتهم باكين، وبعد ذلك يصبحون سريعي التهيج والغضب متبلدين وأخيرًا وجد نكوصهم في بعض مهاراتهم المتعلمة السابقة, ويشير بولمبي كذلك أن الآباء الذين يعودون من سفر طويل قد يجدون أطفالهم الصغار ما بين ٨-٢٤ شهرًا يتسمون بالخضوع والانسحاب كما لو أنهم في حالة من حالات الاكتئاب، أو قد يرتدون لأنماط سلوكية سابقة، حيث نجدهم يزحفون على الرغم من تعلمهم المشي أو قد يرتدون إلى عمليات التبرز على الرغم من تعلمهم التحكم فيها.

وتشير النتائج إلى أن الأطفال يختلفون عن صغار القردة حيث وجد Bowlb أنهم لا يرحبون ولا يكونون سعداء بعودة آبائهم في حالة السفر لأيام أو أسابيع أو الغياب عنهم وذلك إذا ما قورن عودتهم بعد دقائق أو ساعات فقط من غيابهم عنهم حيث وجد أنهم يبدو كما لو أنهم منفصلون أو مستقلون عنهم، فقد يبكون أو ينسحبون بعيدًا عنهم عندما يقبل آباؤهم عليهم، وقد لا يتعرفون على آبائهم، وبإيجاز يعاملونهم كما لو أنهم غرباء عليهم، وبعد ساعات أو أيام قليلة، ويعتمد ذلك على طول فترة الانفصال، نرى تراجعا لهذا الانفصال وتظهر ثنائية المشاعر حيث يبدأ الأطفال في تقبل والديهم بدفء مرة أخرى ويلتصقون بهم, ومن وجهة نظر الوالدين يشيرون إلى أن أطفالهم كانوا يحاولون عقابهم لتركهم بمفردهم، ولحسن الحظ فإن ثنائية المشاعر Ambivalence تختفي بعد أسبوع أو أسبوعين من عودة الوالدين للطفل، ومرة أخرى يعود الأطفال إلى ذويهم مرة أخرى.

<<  <   >  >>