للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس هناك في الجسم عضو واحد يتأثر تأثرًا مباشرًا بالانفعال أكثر من تأثر القناة الهضمية المعدية به, فالطفل إذا غضب أو استشعر الوحدة، أو اشتد انفعاله في اللعب أو الخوف لا يستطيع أن يهضم الطعام أو يتمثله,

لهذا يجب أن ينظر الوالدان إلى كافة هذه العوامل، إذ لا يمكن ضمان الصحة العقلية والبدنية للطفل إذا أثار أي اضطراب في تناول الطعام سواء بالكلام أو بالفعل، فكثيرًا ما تجذب انفعالات الآباء، واضطرابهم انتباه الطفل إلى قيمة نفسه، وتبعث عنده شعورًا لذيذًا بالقوة وتوحي له أن ساعة تناول الطعام فرصة سائحة لاجتذاب الانتباه إليه والاهتمام بأمره.

وتحل مشكلة الطعام عند الأمهات إلى نظرنا إلى الأسس الآتية.

أ- كمية الطعام التي يتناولها الصغير.

ب- الطريقة والميعاد التي يتناول بها طعامه.

ج- قدر ما يبذله الوالدان من الطاقة والجهد في دفع الطفل إلى تناول الغذاء الكافي له، فإذا عرفنا أن بالطفل نزعات نحو القوة والظهور، وأن الأساليب التي يشبع بها تلك الميول ساذجة محدودة لم يكن مما يبعث عن العجب أن نرى الصغار يلجئون إلى هذه الطرق لفرض أنفسهم علينا، وقد يغيب عن الأم تماما أن ابنها الصغير عندما يأكل أو يرفض الأكل مثلا يستطيع بذلك أن يسيطر على جانب كبير من نشاطها لكنه مع ذلك يشعر بقوته وسطوته ويحس بما تبعثه هذه القوة في نفسه من رضا.

وليس من أمر أكبر أهمية من تكوين العادات الحسنة في تناول الطعام من الحالة العقلية للطفل, لهذا ينبغي أن نبذل كل جهد لبعث الهدوء، والسرور في نفسه وصرفه عن أي أمر آخر غير الطعام.

ومن الخير قبل أن يتم تكوين آداب المائدة تكوينا طيبًا أن يأكل الطفل وحيدًا حتى يستطيع بدون حضور جمع من المهتمين به أن يتعلم كيف يتناول الطعام بنفسه، فإذا سكبه أو نثر جانب منه هنا وهناك أثناء تعلمه هذا، لم يكن في ذلك ضرر كبير.

<<  <   >  >>