للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأهداف التربوية التي ينبغي أن يعمل المعلم على تحقيقها, خفض الصراع بين التلاميذ في حجرة الدراسة وزيادة الوئام بينهم، فإن هذا البحث قد أظهر أن المعلمة المسيطرة تفسد هدفا من أهداف التربية التي تريد تحقيقه.

ولقد تتبع الباحثون هؤلاء المعلمين والأطفال بعد مضي سنة أخرى، وقد وجد أن المعلمات ينهجن في سلوكهن على نفس المنوال عاما بعد آخر. أما الأطفال فإنهم من ناحية أخرى لم يبق سلوكهم على نفس الوتيرة, إذ أظهروا مرونة أكبر، واستجابوا استجابات تتسم بالسيطرة عندما كانت معلمتهم مسيطرة، كما استجابوا استجابات تدل على التكامل عندما كانت المعلمة متكاملة الشخصية.

وهكذا تكشف نتائج هذه الدراسات أن سلوك التلاميذ يعتمد بدرجة كبيرة على سلوك معلماتهم، وأن المعلمات اللاتي يستخدمون الأسلوب الديمقراطي مع أطفالهم يكافأن بما يجدنه من تعاون أكبر من تلاميذهن وبما يبدونه من تلقائية في السلوك واهتمام ومبادأة، ومن ناحية أخرى. فإن المعلمات اللاتي يحاولن إجبار تلاميذهن على الامتثال لأوامرهن عن طريق الأساليب الدكتاتورية العدوانية يشجعن تلاميذهن على المقاومة بدرجة أكبر, تلك المقاومة التي تأخذ مظاهر مختلفة تبدو في صورة همس إلى الزملاء، الشخبطة في الرسم بينما يفكر في شيء آخر، شرود الذهن، المعارضة المباشرة أو التحدي والمواجهة الصريحة وبصفة عامة، تساعد المعلمة المتكاملة تلاميذها على إشباع حاجاتهم بدرجة أكبر وبالتالي تعرضهم للإحباط بدرجة أقل.

أما المعلمة المسيطرة فهي من ناحية أخرى نتيجة لقصور اهتمامها بحاجات الطفل وضيق أفقها في تصور السلوك المقبول والناتج اجتماعيًا، تعرض جهود الطفل لإشباع حاجاته للصد مرات أكثر، ولما كان الصد والإحباط قد ينتج عدوانًا، فإن المعلمة المسيطرة يغلب أن تصبح هدفًا للكراهية والعداء، بدلا من أن تكون مصدرًا للثواب، وعلى هذا, يحتمل أن تواجه صعوبات أكبر في محاولاتها لغرس الاستجابات العدوانية الظاهرة عند تلاميذها وذلك باستخدام التخويف والعقاب, ولكنها عاجزة عن غرس الرغبة الموجبة للتعاون وإقامة علاقات ناضجة قائمة على الأخذ والعطاء.

<<  <   >  >>