للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بصورة أكبر إلى جماعة الرفاق في ثمة أمور كالملبس وكيفية التعامل مع الأقران، وكيفية قضاء وقت الفراغ، وكلما تدرج المراهقون في عمرهم الزمني نجد انخفاض تأثير كل من الوالدين والرفاق عليهم، حيث يصبحون أكثر ثقة بذواتهم, وفي قدراتهم في عمل القرارات, ونجدهم في نفس الوقت يهتمون بتقييم آراء رفاقهم وآبائهم والراشدين من حولهم. وعموما فالمراهقون الأكبر سنا عادة ما نجدهم يفكرون بصورة متزايدة بأنفسهم ويثقون في أحكامهم، وثمة استقلالية قد صورها مراهق أثناء فترة مراهقته الأخيرة إذ يقول: "إن التطابق والتماثل مؤداه أن تفعل لكي تحتفظ بأبويك من التذمر أو الشكوى منك، بينما تقرر بعقلك ماذا تريد أن تقوم به حقيقة".

تكامل الهوية الشخصية:

أشرنا في الفصول السابقة إلى عملية تكوين الهوية منذ فترة الرضاعة حيث يتعلم الرضع التعرف على ذواتهم كأشخاص مميزين عن الأشخاص والأشياء الأخرى من حولهم، وأثناء سنوات ما قبل المدرسة عندما يصبح كل من الذكور والإناث على دراية باختلافاتهم الجسمية الجنسية، وفي فترة الطفولة الوسطى حيث يتبنى الأطفال الأدوار المميزة لنوع جنسهم، كما يتعرفون على قدرات كل منهم ومواهبهم وميولهم؛ ولكن نجد في فترة المراهقة عملية تكوين تصور واضح يكون متسقا لذات الفرد يصبح على درجة من الأهمية الكبيرة خاصة أثناء فترة المراهقة المتأخرة، وتأوج هذه العملية في تكامل شعور الهوية الشخصية للمراهق.

ويعتبر إريكسون من أوائل العلماء الذين أشاروا إلى دور تكوين الهوية في نمو المراهقة حيث عرف نهاية فترة المراهقة بأنه الوقت الذي يصبح فيه المراهقين متأكدين بصورة معقولة فيما يعتقدون فيه بالإضافة إلى وضوح بصيرتهم فيما يريدون عمله في حياتهم فالإحساس بالهوية الشخصية يعتبر نتاج كل ما تعلمه المراهقون عن أنفسهم في أدوارهم المختلفة كتلاميذ، كأبناء، كرياضي، كموسيقى، كصديق، كعضو في جماعة دينية ككاتب في متجر، وهكذا, وبمجرد أن يحصل المراهق هذه النظرة المتكاملة لأدواره ولميوله ولقدراته واتجاهاته بالإضافة إلى تأثير الأشخاص الآخرين، كل ذلك يعطي المراهق الإحساس بالاستمرارية مع ماضيه ويساعده على الإعداد لمستقبله.

<<  <   >  >>