الناس وتصرفاتهم وسائر أقوالهم. فمحمد رسول الله لا يفهم منها أن غير محمد ليس رسول الله، ودين المتوفي يؤدي من تركته لا يفهم منه أن غير دينه كنفقة تجهيزه ووصايا النافذة لا تؤدي إلى تركته، والبيع ينقل الملكية لا يفهم منه أن غير البيع لا ينقله، وأن بيع الحقوق في تركة إنسان على قيد الحياة ولو برضاه غير باطل. ولهذا قال الشوكاني:"والقائل بمفهوم المخالفة في اللقب لا يجد حجة لغوية ولا عقلية ولا شرعية، ومعلوم من لسان العرب أن من قال: رأيت زيدا لا يفهم من قوله أنه لم ير غيره. وأما إذا دلت القرينة على العمل في جزئية خاصة فما ذلك إلا للقرينة".
٢-وأما ما اتفقوا على الاحتياج بمفهوم الوصف، أو الشروط، أو العدد، أو الغاية، في غير النصوص الشرعية، أي في عقود المتعاقدين وتصرفاتهم، وأقوال الناس وعبارات المؤلفين، ومصطلحات الفقهاء. فقول الواقف: جعلت ربع وقفي من بعدي لأقاربي الفقراء، منطوقة ثبوت الاستحقاق لأقاربه الفقراء، ومفهوم المخالفة له نفي استحقاق أقاربه غير الفقراء، ونصه حجة على الحكمين. وقول الواقف: جعلت ثمن ريع وقفي من بعدي لأرملتي إذا لم تتزوج، منطوقة ثبوت الاستحقاق لأرملته إذا لم تتزوج، ومفهوم المخالفة له نفي استحقاقها إذا تزوجت، ونصه حجة على الحكمين. وهكذا كل عبارة من أي عاقد أو متصرف أو مؤلف أو أي قائل، إذا قيدت بوصف أو شرط أو حددت بعدد أو غاية، تكون حجة على ثبوت الحكم الوارد بها حيث يوجد ما قيدت به، وعلى نفيه حيث ينتفي، لأن عرف الناس واصطلاحاتهم في النفس والتعبير على هذا؛ ولو لم يفهم النفي والإثبات كان التقييد في عرفهم عبثاً، إلا إذا قرينة على أن القيد ليس للتخصيص.
٣- وأما الصورة التي اختلف الأصوليون في الاحتجاج بمفهوم المخالفة فيها فهي مفهوم المخالفة في الوصف، أو الشرط، أو الغاية، أو العدد في النصوص الشرعية خاصة. فذهب جمهور الأصوليين إلى أن النص الشرعي الدال على حكم في واقعة؛ إذا قيد بوصف أو شرط بشرط أو حدد بغاية أو عدد، يكون