سكت عنه القرآن، لأنها كلها مصدرها المعصوم الذي منحه الله سلطة التبيين والتشريع.
نسبتها إلى القرآن:
أما نسبة السنة إلى القرآن، من جهة الاحتجاج بها والرجوع إليها لاستنباط الأحكام الشرعية، فهي في المرتبة التالية له بحيث أن المجتهد لا يرجع إلى السنة للبحث عن واقعة إلا إذا لم يجد في القرآن حكم ما أراد معرفة حكمه، لأن القرآن أصل التشريع ومصدره الأول، فإذا نص على حكم اتبع، وإذا لم ينص على حكم الواقعة رجع إلى السنة فإن وجد فيها حكمه اتبع.
وأما نسبة السنة إلى القرآن من جهة ما ورد فيها من الأحكام فإنها لا تعدو واحدا من ثلاثة:
١- إما أن تكون سنة مقررة ومؤكدة حكما جاء في القرآن، فيكون الحكم له مصدران وعليه دليلان: دليل مثبت من آي القرآن، ودليل مؤيد من سنة الرسول. ومن هذه الأحكام الأمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والنهي عن الشرك بالله، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، وقتل النفس بغير حق، وغير ذلك من المأمورات والمنهيات التي دلت عليها آيات القرآن وأيدها سنن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويقام الدليل عليها منهما.
٢- إما أن تكون سنة مفصلِّة ومفسِّرة لما جاء في القرآن مجملا، أو مقيِّدة ما جاء فيه مطلقاً، أو مخصِّصَة ما جاء فيه عاماً، فيكون هذا التفسير أو التقييد أو التخصيص الذي وردت به السنة تبيينا للمراد، من الذي جاء في القرآن لأن الله سبحانه منح رسوله حق التبيين لنصوص القرآن بقوله عز شأنه:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤] ، ومن هذا السنن التي فصلت إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، لأن القرآن أمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، ولم يفصل عدد ركعات الصلاة، ولا مقادير الزكاة، ولا مناسك الحج، والسنن العملية والقولية هي التي بينت هذا الإجمال؟ وكذلك أحل الله البيع وحرم الربا، والسنة هي التي بينت صحيح البيع وفاسدة، وأنواع الربا