المحرم. والله حرم الميتة، والسنة هي التي بينت المراد منها ما عدا ميتة البحر. وغير ذلك من السنن التي بينت المراد من مجمل القرآن ومطلقه وعامه، وتعتبر مكملة له وملحقة به.
٣- وإما أن تكون سنة مثبِتَة ومنشِئَة حُكما سكت عنه القرآن، فيكون هذا الحكم ثابتا بالنسبة ولا يدل عليه نص في القرآن. ومن هذا تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، وتحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطيور، وتحريم لبس الحرير والتختم بالذهب على الرجال، وما جاء في الحديث:"يحرم من الرضاع ما يحرم بالنسب"، وغير ذلك من الأحكام التي شرعت بالسنة وحدها ومصدرها إلهام الله لرسوله، أو اجتهاد الرسول نفسه.
قال الإمام الشافعي في رسالته الأصولية:(لم أعلم من أهل العلم مخالفا في أن سنن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ثلاثة وجوه، أحدها: ما أنزل الله عز وجل فيه نص كتاب، فسنَّ رسول الله مثل ما نص الكتاب، والآخر: ما أنزل الله عز وجل فيه جملة فبيَّن عن الله معنى ما أراد، والوجه الثالث: ما سنّ رسول الله مما ليس فيه نص كتاب) .
ومما ينبغي التنبيه له: أن اجتهاد الرسول في التشريع أساسه القرآن، وما بثه في نفسه من روح التشريع ومبادئه، فهو يستند في تشريعه الأحكام إلى القياس على ما جاء في القرآن، أو إلى تطبيق المبادئ العامة لتشريع القرآن، فمرجع أحكام السنة إلى أحكام القرآن.
وخلاصة ما قدمنا: أن الأحكام التي وردت في السنة: إما أحكام مقررة لأحكام القرآن، أو أحكام مبينه لها، أو أحكام سكت عنها القرآن مستمدة بالقياس على ما جاء فيه أو بتطبيق أصوله ومبادئه العامة، ومن هذا يتبين أنه لا يمكن أن يقع بين أحكام القرآن والسنة تخالف أو تعارض.